أحدث الأخبار
الخميس 25 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 47293
فلسطين : بحر غزة تحول إلى «مستنقع» للمياه العادمة والتحذيرات تتصاعد مع انتشار الأمراض في صفوف المصطافين!!
06.08.2017

بات حصول سكان قطاع غزة على «رقعة صغيرة» آمنة من التلوث على ساحل البحر المتوسط، الذي يعد متنفسهم الوحيد في ظل الأزمات المتلاحقة التي خلقها الحصار والخلاف السياسي، أمر غير يسير، قد يدفع بعض العوائل للانتقال من مناطق الشمال إلى الجنوب، بحثا عن هذه الرقعة، لقضاء سويعات قليلة بغرض الاستجمام، مع وصول نسبة التلوث على طول الشاطئ الذي يمتد لأكثر من 40 كليو مترا إلى 70 في المئة حسب إحصائيات قدمتها الجهات المختصة.فلم يعد في مقدور سكان قطاع غزة المحاصر، هذا العام النزول بالشكل المعتاد إلى البحر، فحسابات إصابة الكبار والصغار منهم بأمراض جلدية ونزلات معوية، قد تمتد آثارها لأسابيع عدة، ما يحول دون وصولهم إلى تلك الشواطئ الملوثة.ويعود أصل الحكاية في تلوث البحر، الذي انتقل لونه من الأزرق السماوي، إلى الأخضر الداكن القريب إلى السواد، قبل بدء موسم الاصطياف في حزيران/يونيو الماضي، ولا تزال آثاره واضحة بل وتتزايد، بعدما شرعت الجهات المسؤولة في غزة عن تصريف «المياه العادمة» في ضخها إلى البحر دون معالجة، وبكميات تفوق قدرة أمواج البحر على تجديد المياه وتنقيتها بالشكل المطلوب.وشرعت البلدات التي تشرف على مراكز تجميع مياه الصرف الصحي، منذ بداية أزمة الكهرباء الخانقة في قطاع غزة، والتي بدأت قبل أكثر من ثلاثة أشهر، في ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة تصل إلى 110 ألف لتر مكعب يوميا، للبحر دون معالجة، لعدم توفر التيار الكهربائي، اللازم لتشغيل محطات المعالجة، التي كانت تحافظ على ضخ مياه المجاري بعد تنقيتها بالشكل المطلوب، لعدم إحداث تلوث في مياه البحر.وتضخ مياه الصرف الصحي من محطات المعالجة إلى مياه البحر بشكل مباشر من 23 مصرفاً تمتد على طول شاطئ القطاع، دون معالجة مسبقة.ومع استمرار مشكلة الكهرباء، التي تصل سكان غزة فقط لمدة أربع ساعات يوميا، وهي فترة لا تكفي لتشغيل محطات التنقية، ما يدفعها لاستمرار ضخ أكثر المياه العادمة إلى البحر. وأظهرت آخر نتائج الفحوصات التي قامت بها وزارة الصحة وسلطة جودة البيئة في بداية شهر تموز/يوليو الماضي، ان هناك ارتفاعا في نسبة تلوث مياه بحر القطاع بدرجة كبيرة، وصلت إلى 70 في المئة من إجمالي شاطئ القطاع، لتشمل شواطئ مدينة رفح والقرارة والزهراء وغزة وجباليا، وهي شواطئ كانت في بداية موسم الاصطياف آمنة إلى حد ما.وأعلن بهاء الدين الأغا، المسؤول في سلطة البيئة في غزة، في مؤتمر صحافي أن الوضع البيئي في غزة وصل إلى مرحلة سيئة جدًا، وأن طول مدة انقطاع التيار الكهربائي أدت إلى تفاقم المشاكل على الحياة البيئية في القطاع.وأكد أن الوضع البيئي يتعرض لكارثة كبيرة بعد تعطل عمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، بسبب نقص إمدادات الكهرباء.ومع بداية موسم الاصطياف وضعت السلطات المختصة في غزة خريطة توضح حجم المعاناة، أظهرت أن الغالبية العظمى من شواطئ القطاع ملوثة ولا تصلح للسباحة. وفي أوقات الشدة وارتفاع أحمال الكهرباء أو تعطل عمل أحد المولدات في محطة الطاقة، تنخفض مدة وصول التيار للسكان، إلى أقل من أربع ساعات يوميا. وكانت الأزمة ستشتد أكثر لولا تزويد مصر محطة التوليد بالوقود لضمان استمرار عملها، بعد تقليص إسرائيل كميات الطاقة التي تورد إلى غزة إلى نحو النصف.ويبلغ مجموع الطاقة التي تصل غزة نحو 135 ميغا واط، من أصل 600 يحتاجها السكان في مثل هذا الوقت.ويقول الدكتور أحمد حلس المختص في الشأن البيئي، أن نسبة التلوث ستزيد وترتفع بالتالي نسبة خطورتها، مع استمرار ضح كميات كبيرة من المياه العادمة دون معالجة إلى البحر.وأكد أن الأمر خطير جدا مع ارتفاع نسب التلوث على النحو الجديد، مشيرا إلى أمراض خطيرة تهدد حياة السكان، في ظل عدم عمل محطات تنقية مياه الصرف الصحي بسبب افتقارها للطاقة الكهربائية.وقال ان المياه العادمة التي تضخ مباشرة دون معالجة للبحر، تحمل ملوثات وسموما بيولوجية من بكتيريا وطفيليات ومواد كيميائية ومواد عضوية، وتترسب في المناطق القريبة من الساحل.وأكد أن بحر غزة حاليا يعد «مستنقعا لتجميع الصرف الصحي» والمشكلة في كونه على مقربة من التجمعات السكنية. وأشار إلى أن الفحوص التي أجريت مؤخرا لمعرفة نسبة التلوث، أثبتت وجود العديد من الطفيليات المرضية، بنسب عالية سواء في البحر أو المنطقة الرطبة من التربة والرمال الجافة، إضافة إلى وجود مواد كيميائية.وقال ان ذلك هو ما يهدد حياة السكان خاصة من ذوي المناعة المنخفضة، من أطفال ونساء حوامل، مشيرا إلى أن ما أسماها بـ «تيارات الحمل» هي من أوصلت مؤخرا هذه المياه العادمة من غزة إلى شواطئ إسرائيل، وأجبرت السلطات المختصة هناك على إغلاق الكثير منها.وفي الإمكان التيقن من خطورة الوضع البيئي الحالي على شواطئ غزة، من خلال الروائح الكريهة المنبعثة من البحر، عند المرور على مقربة من منطقة الساحل.ومؤخرا وصلت إلى مراكز الرعاية الطبية المنتشرة في كافة مناطق القطاع، العديد من الحالات المرضية لمواطنين غالبيتهم من الأطفال، أصيبوا بطفح جلدي ونزلات معوية وحمى، جراء استحمامهم في مياه البحر.
وفي هذا الشأن قال طبيب يعمل في أحد الوحدات الطبية وسط القطاع، أن معدل الأطفال الذين جرى علاجهم من مشاكل معوية وطفح جلدي وحمى، شهد زيادة خلال الشهر الماضي، وقال أن غالبيتهم وصلوا للعلاج بعد ذهابهم مع عوائلهم إلى البحر.ويقول مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقرير جديد له، أنه أمام هذه المعطيات تصبح حياة البشر في «خطر داهم» بالنظر لكون البحر هو المتنفس الوحيد المتاح لسكان القطاع.ويوضح التقرير أنه حتى مع التحذيرات التي أطلقتها وزارة الصحة وسلطة البيئة للمواطنين بضرورة عدم السباحة والاصطياف في تلك المناطق، إلا ان انحسار الخيارات أمام المواطنين، في ظل انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع المياه ودرجة الحرارة المرتفعة في هذه الفترة من فصل الصيف، تدفع عشرات الآلاف إلى الهروب من الحر والظلام إلى المخاطرة بالنزول إلى تلك الشواطئ، ما ينطوي على تهديد جدي لحياتهم.وأكد أن تلوث مياه بحر قطاع غزة بمياه الصرف الصحي يؤثر على حقوق الإنسان بالنسبة لسكان القطاع، وأن آثاره العميقة تطال صحة البيئة والصحة العامة وتدمير البيئة البحرية بالكامل. ودعا المجتمع الدولي، ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة إلى سرعة التدخل لمنع وقوع «كارثة إنسانية محدقة» ولحماية الحياة في غزة.والمعروف أنه لا توجد بدائل أخرى للتنزه أمام سكان غزة سوى البحر، حيث يفتقد القطاع ذو المساحة الضيقة، المنتزهات العامة المقامة كما بلدان العالم على مساحات واسعة، كما يلزم ذهاب السكان إلى المناطق السياحية الخاصة إنفاق الكثير من الأموال، وهو ما لا يتوفر إلا لفئات من تلك التي تتمتع بدخل متوسط أو مرتفع، بخلاف حال الغالبية العظمى من السكان.وقد أجبر سكان غزة مع اتساع دائرة التحذيرات من خطورة تلوث مياه البحر، إلى عدم النزول للسباحة بالأعداد المعتادة كل عام، خشية من تعرضهم للإصابة بالأمراض، وهو ما أدى إلى ضجرهم الشديد، وقد بدا الأمر واضحا من خلال تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعتبرون البحر وجهتهم الوحيدة للتخفيف من معاناة الحصار، ومن حدة ارتفاع درجات الحرارة.ويمكن ملاحظة خلو غالبية شواطئ غزة من المتنزهين، ويضطر الكثير منهم للجلوس على المقاعد الخرسانية التي وضعت على «طريق الكورنيش» في مدينة غزة، كبرى مدن القطاع، لتأمل البحر دون النزول إلى الشاطئ.وكان سبعة مقررين للأمم المتحدة طالبوا في بيان مشترك، جميع الأطراف المعنية بحل أزمة تفاقم انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، ودعوا إلى عدم تجاهل المدينة، ووضع حد فوري للحصار والإغلاق، كون ذلك يرتقي ليشكل «عقابا جماعيا» يخالف القانون الدولي!!.

1