أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
1 2 3 41120
السياح يزعجون نساء قبيلة كلاش في باكستان!!
18.06.2019

بومبورات (باكستان) - فيما ترقص نحو مئة امرأة من قبيلة كلاش احتفاء بحلول الربيع، يصوّر العشرات من الرجال الغرباء وجوههن السافرة، ما يثير انزعاجا لدى أفراد إحدى أصغر أقليات باكستان التي تواجه تهديدا جراء السياحة.
وفي منتصف مايو، يحتفل أفراد هذه القبيلة غير التوحيدية التي ينتسب إليها نحو أربعة آلاف شخص يتوزعون على ثلاثة وديان نائية في شمال باكستان، بعيد “جوشي” الذي يرمز إلى نهاية الشتاء الذي كان قاسيا بشدة هذه السنة.
ويحتفل أفراد القبيلة بهذا الموسم الجديد عبر إحياء حفلات زفاف وتقديم أضاح حيوانية، لكن هذه الفترة تشهد أيضا تدفقا للزوار الذين يأخذ السكان الأصليون عليهم سلوكا لا يراعي خصوصيات هؤلاء.
وفي عز الاحتفالات، يوجه الزوار آلات التصوير في هواتفهم المحمولة نحو نساء قبيلة كلاش اللائي يلفتن الأنظار بملابسهن الملونة وزخارف اللؤلؤ والأصداف على شعورهن، في بلد محافظ ترتدي أكثرية نسائه في العادة ملابس لا تلفت الانتباه.
ويقول المرشد السياحي المحلي إقبال شاه، “بعض السياح يستخدمون آلات التصوير كما لو أنهم في حديقة حيوانات”. ويضيف، “لكننا لسنا في حديقة حيوانات”، مبديا أسفه إزاء “الأفكار الخاطئة” المنتشرة عن ثقافة هذا الشعب الذي ينتمي إليه. ويتمحور موضع الخلاف الأكبر حول مكانة المرأة لدى قبيلة كلاش، إذ يُنظر إليها على أنها أكثر تحررا من الباكستانيات المسلمات.
وفي الثقافة المحلية، تختار المرأة زوجها المستقبلي ويشكل الحب المحرك الأساس للزواج خلافا لما يحصل في باقي أنحاء باكستان، حيث غالبا ما تكون الزيجات مدبرة. ويمكن للمرأة أيضا أن تتزوج مجددا شرط أن يدفع الزوج الثاني تعويضا ماديا لسلفه.
وعادة ما تحصل الزيجات في سن مبكرة لتؤدي بعدها نساء القبيلة دورا تقليديا كأمهات لعائلات كبيرة يعمل أفرادها في الزراعة.
لكن مع ذلك، فإن وضع هؤلاء النسوة يثير تخيّلات كثيرة في باكستان، البلد المسلم العملاق البالغ عدد سكانه 207 ملايين نسمة. وهذه الظاهرة تفاقمها وسائل التواصل الاجتماعي.
ويدّعي فيديو منشور باللغة الأردية وعليه أكثر من 1.3 مليون مشاهدة عبر يوتيوب أن نساء قبيلة كلاش “بإمكانهن ممارسة الجنس مع الشخص الذي يخترنه بحضور أزواجهن”.
ويصف تسجيل مصوّر آخر هؤلاء النسوة بأنهن “خائنات” يمكن “لأي كان أن يتزوج بهن”، فيما يتحدث فيديو ثالث عن “سوق لشراء الفتيات الرائعات”.
وينتقد الصحافي لوك رحمت هذه الادعاءات قائلا، “لكن كيف يمكن أن يكون ذلك صحيحا؟”، منددا بما يصفه “تشويها ممنهجا” لسمعة أفراد القبيلة.
ويقول، “عندما يأتي سائح مع هذه الأفكار، سيحاول الانتقال إلى مرحلة التنفيذ”.
وبحسب مدير فندق في بومبورات، أكبر قرى قبيلة كلاش، فإن 70 بالمئة من زوار الموقع هم شبان يسألون فور وصولهم عن المكان الذي يمكنهم فيه “إيجاد فتيات”.
واستمعت وكالة فرانس برس لآراء السياح وهم في أكثريتهم رجال باكستانيون أتوا ضمن مجموعات فيما العائلات والأجانب يشكلون أقلية الوافدين، وقد ركزوا جميعا على الرغبة في اكتشاف ثقافة جديدة.
لكن في العام الماضي، أحيل سائح من مدينة بيشاور على المحاكمة وأرغم على الاعتذار بعدما صور نفسه خلال مضايقته مجموعة من النساء. وفي بومبورات، تدعو لافتات الزوار إلى طلب الإذن من القرويين قبل تصويرهم وعدم “مضايقة النساء”.
ويقول ياسر كلاش، نائب رئيس اتحاد أصحاب الفنادق في المنطقة، “نستقبل كل سائح يأتي إلى هنا، لكننا نطلب منه أيضا أن يحترمنا”.
ويشكل تنظيم القطاع السياحي معضلة لقبيلة كلاش، إذ يمثل مصدر الدخل الرئيسي لهؤلاء منذ الفيضانات التي أتت في 2015 على حوالي 40 بالمئة من أراضيهم الزراعية، وفق سكان كثر.
وفتح حوالي أربعين فندقا ونزلا أبوابه في المنطقة، وفق ياسر كلاش، ما وفّر فرص عمل كثيرة لأبناء هذه القبيلة الآخذة أعدادها في التراجع.
ويقول مدير المتحف المحلي في المنطقة أكرم حسين إن قبيلة كلاش التي كان أفرادها يستوطنون في الماضي مساحات شاسعة تمتد من إقليم كشمير عند الحدود الهندية الباكستانية إلى ولاية نورستان الأفغانية، باتوا اليوم الأقلية الأصغر في البلاد ويقتصر وجودهم على حفنة من القرى.
وقد يكون هذا الشعب الذي تغلب عليه البشرة البيضاء ولون العينين الفاتح متحدرا من جنود الإسكندر الأكبر الذي غزا المنطقة في القرن الرابع قبل الميلاد.
ويظهر أحدث إحصاء أن تعداد أفراد القبيلة لم يعد يتخطى 3872 عضوا.
ويحذر أكرم حسين “إذا لم نتلق المساعدة سيكون مصيرنا الزوال”. وهو يعزو هذا الوضع خصوصا إلى تقاليد قبيلة كلاش “الباهظة التكلفة”، إذ إن الزيجات وخصوصا مراسم التشييع ترغم العائلات على التضحية بالعشرات من الحيوانات وتاليا الاستدانة ما يرغمها أحيانا على بيع أراضيها والعيش في المنفى.
كما أن أعداد هذه القبيلة تضمحل في ظل زواج نسائها من مسلمين، فيما يضطر أطفالها إلى اتباع منهج دراسي إسلامي بدل تعلّم ثقافتهم المحلية.
كذلك، تفاقم السياحة الوضع. ففي هذه السنة، قاطعت قرويات احتفالات استقبال الربيع مخافة من السياح، على ما أفاد سكان كثر.
وترتدي نساء أخريات من هذه القبيلة الحجاب “رغم أنه ليس من ثقافتنا”، نظرا إلى أن “الناس يلتقطون صورا لهن من كل الجهات ما يشعرهن بالعار” وفق الطالبة مسرة علي البالغة 19 عاما.

1