أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 41120
"درب الجبل" رحلة لاكتشاف التنوّع البيئي والثقافي في لبنان !!
12.05.2018

إهمج (لبنان) – تسعى جمعية لبنانية (نصف أعضائها تقريبا أجانب ولبنانيون من بلاد الاغتراب يشدهم حنينهم إلى التعرف على بلدهم عبر الطبيعة الخلابة المتنوّعة) إلى التوعية بالمخاطر المحدقة بالبيئة في بلد الأرز الذي يعاني قدرا كبيرا من التلوث والفوضى العمرانية، وذلك من خلال رحلات استكشافية طويلة في الجبال.
وتنظّم جميعة “درب الجبل” هذه الرحلات مرتين سنويا، في الربيع والخريف، وهي تجوب مسارات جبلية تقطع البلد المتوسطي ذا المناخ المعتدل، من شماله إلى جنوبه.
وأطلقت الجمعية مشروعها للسنة العاشرة على التوالي تحت شعار “مشي لتحمي”، وذلك لحماية أطول درب للمسافات الطويلة في لبنان من العمران العشوائي والتلوث وتشويه الطبيعة.
وتتطلع الجمعية إلى تنمية الوعي لدى مختلف الشرائح المجتمعية بضرورة الحفاظ على البيئة، وإلى لفت نظر المسؤولين الذين يجب أن يقوموا بأدوارهم في تطبيق القوانين للحد من الانتهاكات المتزايدة ضد البيئة.
ويقول سامي بيضون (76 عاما) -وهو من المشاركين في رحلة ربيع هذا العام- “أشارك منذ مدة في هذه الرحلات، ما زلت محافظا على صحتي بفضل المشي”. ويضيف فيما هو يحزم أمتعته استعدادا للانطلاق صباحا مع مجموعته من قرية إهمج الواقعة على ارتفاع 1250 مترا فوق سطح البحر على بعد 60 كيلومترا عن العاصمة “نعتمد على خرائط وأجهزة تحديد الموقع الجغرافي، نتعرف على جمال الطبيعة في لبنان والتنوع البيئي من الشمال إلى الجنوب”.
إضافة إلى اللبنانيين الراغبين في الهرب من ضجيج المدن وتلوّثها، وفي التعرّف على جوانب مخفيّة من بلدهم الصغير، تجذب هذه الرحلات عشرات المهتمين من الأجانب الذين لا تثنيهم أخبار العنف والاضطرابات -التي يتداولها الإعلام العالمي عن الشرق الأوسط- عن خوض هذه المغامرة. ويقول مرشد المجموعة كريستيان أخرس “لدينا هذا العام مشاركون أجانب من أكثر من عشرين جنسية”.
ويضيف وهو يقدم الإرشادات الأخيرة لمساعِدته قبل الشروع في مرحلة جديدة من الرحلة الممتدة على ثلاثين يوما وبالاتجاهين من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال “لا نواجه أي مشكلة أمنية، حتى في الأوقات التي شهد فيها البلد اضطرابات، لم يَحُلْ ذلك دون إتمام المسار وكان الأجانب يحجزون أمكنتهم للمشاركة مع أن بعض اللبنانيين كانوا متخوفين من ذلك”.
ومن المشاركين الأجانب الهولندي إيف وينيك، وهو مسؤول في مؤسسة صحية في الثالثة والستين من العمر، قصد لبنان للمشاركة في هذه المغامرة. ويقول “لم أشعر بالخوف من المجيء إلى لبنان، كنت أتساءل فقط ماذا يعني الاقتراب من الحدود السورية؟ وهل سنكون في خطر بسبب ذلك؟”. لكنّ الشعور بالقلق تبدد بمجرّد انطلاق الرحلة، “فالناس هنا كرماء، والتواصل معهم سهل باللغات الأجنبية”.
ويضيف “مكنتني هذه الرحلة من التعرّف على الطبيعة اللبنانية ومن الالتقاء بخلفيات دينية وثقافية واجتماعية متعدّدة، على طول الطريق”.
تنتقل مجموعات الرحّالة من منطقة مرجعيون في جنوب لبنان إلى بلدة عندقت في أقصى الشمال، سالكةً بذلك أكثر من 400 كيلومتر في طرقات جبليّة متعرّجة، مقسّمة على 27 مرحلة، وفي ختام كلّ منها تحطّ رحالها في بيت ضيافة أو نزل مملوك لعائلة أو لهيئة محليّة.
ويقول كريسيتان أخرس “في البدء كان سكان القرى النائية يستغربون مرورنا وخصوصا بسبب الأجانب، لكنّهم الآن اعتادوا علينا، وصار مشروعنا يدرّ المال على اقتصاد هذه القرى”. وإذا كان المشاركون الأجانب -من أستراليا وكندا وسويسرا وهولندا وبلجيكا وغيرها- يستمتعون باكتشاف التنوّع البيئي والثقافي في لبنان، فإن اللبنانيين أنفسهم يدركون في هذه الرحلات وجود وجه آخر لبلدهم لم يتسنّ لهم التعرّف عليه من قبل.
ويقول سامي هوشر -وهو رجل ستيني يعمل في قطاع المطاعم- “تعرّفنا في هذه الرحلات على أشياء جديدة تخص بلدنا، هناك أنواع من المأكولات التي تُحضّر في القرى لم نكن نعرف عنها شيئا نحن أبناء بيروت”.
ويضيف سامي هوشر الذي كان يشارك في رحلات مماثلة في أوروبا قبل أن يتعرّف على هذه المجموعة “جبال لبنان لا تختلف في شيء عن أي مكان آخر في العالم، لكن التلوّث والكسّارات كارثة كبرى”.
هنا عاش اللبنانيون حياة بسيطة وهنيئةهنا عاش اللبنانيون حياة بسيطة وهنيئة
ويعاني لبنان من نسبة تلوث جوي مرتفعة ومن انتشار النفايات في غاباته وأحراجه وشواطئه، وقد عجزت السلطات عن التوصّل إلى حلّ بيئي لمعالجة هذه النفايات.
إضافة إلى ذلك تنتشر الكسّارات في الجبال اللبنانية، حيث تقضمها وتشوّهها وفي بعض الأحيان تزيلها تماما، لحساب شركات صناعة الإسمنت الذي يستخدم في البناء، وهو أمر يثير استياء الجمعيات البيئية والسكان على حد سواء.
ويقول كريستيان أخرس “أكبر المشاكل التي نعانيها هي التدهور البيئي، من مكبات وكسّارات وتلوث، نحاول أن نتعاون مع البلديات في ذلك، نوفّق في بعض الأمور، وهناك أشياء لا يمكننا معالجتها”.
في ظلّ عجز السلطات عن إيجاد حلّ لأزمة النفايات والتلوّث، وعن الحفاظ على البيئة والطبيعة الخلابة التي يشتهر بها هذا البلد المتوسّطي، تنبري منظمات غير حكومية وجمعيات محلية وأفراد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
يقول جوزيف لطيف الذي يشارك للسنة السابعة على التوالي في هذه الرحلات “كل سنة نرفع شعارا ونقوم بمسيرة من أجل قضية محددة للمحافظة على بيئة لبنان، هذه السنة قمنا بمسيرة لحماية الجبل اللبناني بعد أن كانت مسيرة السنة الماضية من أجل الأكل البيئي والتراثي في لبنان، وقبلها أنجزنا مسيرة من أجل الطيور”.

1