أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41121
صيد السمك بالصنارة تسلية الصائمين في الدار البيضاء !!
11.06.2016

صيد الأسماك بالصنارة يعدّ من أبرز الهوايات في الدار البيضاء، حيث يُلقي عشاق البحر معها هموم الحياة اليومية ومتاعبها وفي الوقت نفسه يبحثون عن رزقهم فيها ويزداد إقبالهم عليها خلال شهر رمضان، خاصة أنها الهواية التي يعتمد فيها على النصيب وما يجود به البحر.
الدار البيضاء - يتزامن شهر رمضان مع الموسم الصيفي في المغرب وما يرافقه من عادات يمارسها البعض للترفيه على النفس مثل الصيد بالصنارة الذي يشغل قلوب شرائح كبيرة من المجتمع بمختلف أعمارهم ومستوياتهم ومكانتهم الاجتماعية، حيث يُشغل العديد من الصائمين أنفسهم بهذه الهواية في انتظار حلول موعد الإفطار.
فمن خلال التجوال على طول الشاطئ تجد عشاق البحر مصطفين في شكل طوابير حاملين صنارتهم وهم يرمون بخيوطهم في انتظار ما يصطادونه، وذلك ليس فقط لشغل الوقت في انتظار أذان المغرب وإنما للراحة والاسترخاء والاستمتاع بنسمة البحر خصوصا في الأيام الأكثر حرارة.
ولا يمكن هنا أن يفرق المرء بين المهندس والطبيب والعامل البسيط والعاطل عن العمل والمتقاعد، فجميعهم يتوافدون في أغلب الأحيان على الشاطئ ليختار كل واحد منهم مكانا يمني النفس فيه بصيد وفير. فمنهم من يفضل الوقوف على الصخور ومنهم من يختار النزول إلى الشاطئ بعد أن كانوا قد ضربوا لأنفسهم موعدا لقضاء أوقات مريحة وتبادل أطراف الحديث في انتظار ما ستجود به صناراتهم دون أن يتسلل إليهم الشعور بالملل أو الضّجر.
وما بين متكسّب يعتبر الصيد على ضفاف البحر مصدر رزقه، وآخر يلجأ إلى الصيد بحثا عن سمك يعجز عن شرائه، وثالث يعتبر الصيد هواية ليس إلا، يقضي فيها أوقاتا قد تكون مملة وثقيلة في البيت، يتسابق العشرات كل يوم لحجز أماكن تكون الأفضل. فصخور البحر بمثابة قوارب أرزاق تحمل هواة صيد الأسماك، فلا تكاد تغيب شمس يوم دون أن تودع فوقها هواة متعة الصيد الذين يزداد عددهم في شهر الصيام. وتجدهم فرادى أو جماعات وكلهم تواصل مع نبضات أدوات صيدهم، يتحادثون وفي نفس الوقت يراقبون عن كثب اهتزازات خيط الصنارة، يتحسسون ثقلها لعلهم يصادفون ما يبشّرهم بصيد وفير، هذا إلى جانب إمضائهم لمتعتهم المفضلة.
ويقول سمير (28 سنة) وهو يرمي بصنارته، إنه منذ بداية رمضان يأتي عصرا بعد خروجه من العمل وبعد يوم شاق مع الملفات ليرتاح مع صنارته، معتبرا أن الصيد يعلمه الصبر خاصة في شهر الصيام. وأوضح سمير قائلا، إنه يفضل الذهاب للصيد على العودة إلى المنزل ليتفادى شم روائح الطبخ وهو لا يغادر مكانه إلا عند اقتراب موعد أذان المغرب، معترفا أنه في أغلب الأحيان يتعرض للمضايقة عند عودته إلى البيت خصوصا عند حضوره دون أن يجلب معه أي سمكة ما يدفعه جاهدا إلى اصطياد ولو سمكتين حتى لا يخجل أمام أفراد عائلته.
ومن جهته، اعتبر ياسين أنه عندما يحل شهر رمضان وفصل الصيف يختار أخذ إجازته السنوية ليتفرغ إلى هوايته المفضلة وليبقى جالسا لساعات طويلة دون كلل أو ملل في انتظار ما ستجود به صنارته المزودة بما يلزم من طعام للأسماك، ليعود في آخر النهار إلى منزله محملا بسلة فيها أنواع مختلفة من الأسماك.
وفي وصفه لانتشار هواية صيد السمك بالقصبة أو الصنارة، يقول مجيد متقاعد وصياد محترف “الصيد في رمضان يختلف عنه في سائر أيام السنة، حيث يأتي إلى الشاطئ الكثير من الناس الذين لم نتعود على رؤيتهم خلال أيام الإفطار، والكثير منهم يهرب من ضغوطه اليومية والجوع إلى البحر حيث يشغله انتظار سمكة طرية عن عطشه”.
ويضيف قائلا “تكتنز هواية الصيد بالصنارة سرا وجاذبية لا يدركها إلا من يدخل عالمها، فهي تطوّق من يلجها بشباكها في أول يوم بإهدائه صيدا وفيرا. ومنذ تلك اللحظة تترك قلبه معلقا يتحرك مع كل حركة لقطعة الفلين فوق الماء”.
ويحقق هؤلاء الهواة من خلال متعة الصيد أكثر من هدف، فهم يرتاحون للبحر ويلقون فيه همومهم ومشكلاتهم قبل أن يصطادوا منه سمكا طريا، ولأنهم يمضون جل فراغهم إلى جانب البحر فقد أصبحت تربطهم به علاقة وثيقة. ويقول طاهر الذي يعمل موظفا، إنه لا يمكن أن يمر يوم دون أن يأتي حاملا صنارته المتواضعة ليداعب بها أمواج البحر أملا في الظفر بمتعة الصيد، مؤكدا أن “البحر أصبح جزءا من حياته اليومية”.
وتشبّه أغلبية صيادي الأسماك التعلق بهذه الهواية بـ“العدوى” التي تنتقل من شخص إلى آخر بالاحتكاك، فيرثها الابن عن أبيه أو عمه أو أحد أقاربه، كما ينقلها الجار إلى جاره والصديق إلى صديقه من دون قصد، لكن لا أحد يستطيع تفسير سبب التعلق الشديد بها.
وهواية الصيد تصبح دون معنى عندما تستحوذ على فكر وعقل شريحة واسعة من الصيادين وتصبح نوعا من الإدمان يستحوذ على كل اهتماماتهم وأحاديثهم ونقاشاتهم اليومية التي تقتصر على أنواع الأسماك ومناطق تواجدها وكيفية الوصول إليها والمعدات الحديثة لاصطيادها وطعمها ليكون ذلك على حساب الالتزامات العائلية والمهنية.
ويحتفظ الصيادون بالعديد من الحكايات المسلية، فمنهم من يقول إنه اصطاد سمكة تزن 10 كيلوغرامات وهي لا تتعدى في الواقع 1 كيلوغرام ومنهم من يصطاد سمكة واحدة فيحولها إلى عشرات، وأسوؤهم من يعود من رحلة الصيد فارغ اليدين فيسقط عليه سقف المنزل إن لم يتضامن معه زملاؤه بإعطائه سمكة أو اثنتين يحفظ بهما ماء الوجه.

1