أحدث الأخبار
الخميس 18 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41121
شح المياه يدفع العراقيين إلى اللجوء البيئي!!
19.06.2022

بغداد - "نحن في خطر لعدم وجود المياه وسوف نرحل للبحث عن مصدر لعيش أطفالنا"، بهذه الكلمات لخّص المزارع العراقي وليد علي محمد الوضع المأساوي الذي يعيشه عشرات الآلاف من المزارعين العراقيين بسبب الشح الكبير في المياه.
وباتت مناطق عديدة في العراق تعاني من الجفاف الذي أدى إلى تراجع الزراعة وصيد الأسماك ما هدد سبل العيش للكثير من العراقيين.
وفي قرية كيبية جنوب محافظة صلاح الدين شمال بغداد كان محمد يملك مزرعة غنّاء فيها من صنوف الفواكه ما لذ وطاب تدر عليه سنويا الملايين من الدنانير، لكن شح المياه حولها إلى أرض جرداء لا حياة فيها.
فقد انقلبت حياة محمد رأسا على عقب وأصبح يبحث عن مصدر رزق لتوفير لقمة عيش لأطفاله بعد أن كان من الميسورين.
وقال محمد وهو يتجول وسط بقايا الأشجار اليابسة لوكالة أنباء (شينخوا) “مزرعتي هذه يبست هي ومحاصيلها، كنا نبيع منها سنويا بملايين من الدنانير، وحاليا قطع المياه سيضطرنا إلى الرحيل والبحث عن مصدر لمعيشة أطفالنا”.
العراق يعاني من شح كبير في المياه سببه الحقيقي أن أكثر من 90 في المئة من الإيرادات المائية تأتي عبر الحدود
وأضاف محمد البالغ من العمر 36 سنة والحسرة والألم واضحين على وجهه بعد أن سحب مجموعة من الأغصان اليابسة ورماها على الأرض “الحياة كلها في المياه والآن لا توجد مياه، فكيف يمكن العيش من دون مياه؟”.
ووصف مزرعته بأنها كانت عبارة عن حديقة جميلة تفتح النفس وتشعر بالراحة النفسية أثناء التجوال فيها، أما الآن فقد تحولت إلى أرض قاحلة وجرداء خالية من الحياة والأشجار نتيجة شح المياه.
وتابع “حتى الحيوانات نفقت من العطش، وبسبب قلة المياه دمرت حياتنا، الآن نحن نقوم بنقل المياه للحيوانات لكي نسقيها، نحن دمرنا بسبب قلة المياه”.
ويؤكد المسؤولون العراقيون أن شح المياه ستكون له تداعيات كبيرة على الشعب العراقي من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وحتى السياسية.
وقال جاسم الفلاحي وزير البيئة العراقي إن “العراق مصنف على أنه من أكثر خمس دول في العالم تأثرا بالتغيرات المناخية، نتيجة قلة تساقط الأمطار والجفاف والزيادة المطردة في درجات الحرارة”.
وأضاف “نعاني من شح كبير في المياه سببه الحقيقي أن أكثر من 90 في المئة من الإيرادات المائية تأتي عبر الحدود”.
وعزا السبب إلى وجود مشاريع بدول المنبع في الجانبين التركي والإيراني أدت إلى تراجع كبير في إيرادات العراق المائية ما أدى إلى زيادة معدلات الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر وتقلص الرقعة الزراعية وزيادة العواصف الغبارية والترابية.
وأكد وجود تداعيات خطيرة للجفاف تتعلق بفقدان أعداد كبيرة من الناس لمصادر رزقهم واقتصاداتهم المعتمدة على الزراعة والصيد وتربية الحيوانات، قائلا “يمكن أن ينشأ عن الجفاف ما يسمى بـ’اللجوء البيئي’، أي نزوح مجاميع نتيجة للجفاف وعدم توفر إيرادات مائية كافية، وهذا يتسبب بمزيد من الضغط على مدن تعاني أصلا من نقص كبير في الخدمات”.
وتابع أن الجفاف له تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية، ويمكن أن يستنزف البنية التحتية التي تعاني أصلا من مشاكل جدية.
ودعا الفلاحي إلى استخدام التكنولوجيات الحديثة في الزراعة والري بالتنقيط واستخدام المرشات، مضيفا أن “ترشيد استخدام المياه مهم جدا ونحن الأن نقوم بحملة كبيرة جدا بهدف رفع مستوى الوعي حول أهمية مواجهة تأثير التغيرات المناخية في أهم قطاع وهو قطاع المياه”.
وأكد علي راضي المتحدث باسم وزارة الموارد المائية وجود ارتباط أساسي بين الأمن الغذائي والمياه، قائلا إن “موضوع المياه مهم جدا وأساسي في الأمن الغذائي”.
وأضاف “الأمن الغذائي محور مهم يتعلق بحياة الناس وبكل المتطلبات التي لها علاقة بالغذاء، فالأمن الغذائي والأمن العام مرتبطان ارتباطا كبيرا جدا”.
وعن الخطة التي أعدتها وزارته لمواجهة شح المياه، أجاب راضي “أمّنا حفر الكثير من الآبار في المناطق التي لا تصلها المياه وتم نصب العديد من محطات الضخ لتأمين المياه للمناطق التي تعاني
وتضمنت الخطة “تطبيق نظام المناوبة في توزيع المياه والمحافظة على نوعيتها ومنع التجاوزات وتطبيق الخطط المدروسة في إطلاق المياه من السدود والخزانات وكذلك بتوزيعات المياه، وأيضا التنسيق مع وزارة الزراعة في موضوع تحسين كفاءة الإرواء واستخدام التقنيات الحديثة”.
بدوره أقر حميد النايف المتحدث باسم وزارة الزراعة بوجود خطر وتهديد للأمن الغذائي في العراق نتيجة شح المياه.
وقال النايف “هناك خطر وتهديد حقيقي للأمن الغذائي في العراق بسبب الجفاف وشح المياه الذي تسبب بتقليص الخطة الزراعية لعام 2022 إلى 50 في المئة عما كانت عليه في العام السابق، وهذا له تداعيات على حياة المزارعين”.
وأكد أن وزارة الزراعة أعدت خطة للاعتماد على المياه الجوفية وحفر الآبار كبديل لتوفير مياه لزراعة نحو مليون دونم (الدونم يساوي 2500 متر مربع) بالحنطة في الصحراء بين محافظتي النجف والمثنى.
وأضاف أن “المزارع العراقي متمسك بأرضه حتى وإن لم يستطع زراعتها، حتى لو اضطر إلى أن يغير طريقة معيشته ويلجأ إلى أماكن أخرى لكنه لن يهجر أرضه”.

1