أحدث الأخبار
الأربعاء 24 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41122
فقراء بنغلاديش يدفعون ثمنا باهظا لتغير المناخ!!
17.12.2021

خولنا (بنغلاديش)- لم يكن أمام أمينة بيغوم سوى خيارات قليلة عندما ضرب إعصار ياس منزلها في جنوب غرب بنغلاديش في مايو ودمره وجرفت مياه الفيضانات المبلغ الضئيل الذي وفرته.
وأدت جهود التعافي من أربعة أعاصير سابقة منذ 2009 إلى استنفاد مواردها، وتركت وفاة زوجها قبل خمس سنوات عبء رعاية طفليهما على عاتقها وحدها.ولذلك التجأت إلى الخيار الوحيد المتاح: باعت أقراط زفافها الذهبية مقابل 5 آلاف تاكا (58 دولارا) وانتقلت مع أطفالها إلى نوتن بازار، وهو حي فقير في خولنا، أقرب مدينة كبيرة.
وقالت وهي تقف في الأزقة الضيقة بحيها الجديد، حيث تملأ الرائحة النفاذة للأطعمة المتعفنة الهواء ويزعج البعوض السكان في الليل، “لم يبق لي شيء آخر”.وتكسب الآن حوالي 400 تاكا (4.70 دولار) في اليوم من العمل في المدينة، ويتمّ إنفاق معظمها ثمنا لاستئجار غرف صغيرة. وقالت إنه لم يعد لديها أي مدخرات.
ويقول الباحثون إنه مع تفاقم كوارث وخسائر تغير المناخ في جميع أنحاء العالم صارت أفقر دول العالم تدفع الجزء الأكبر من التكاليف التي لا تستطيع تحملها، مما يجعلها من “الممولين الصامتين” لخسائر المناخ وجهود التكيف في العالم.وقال بول ستيل -وهو كبير الاقتصاديين في المعهد الدولي للبيئة والتنمية ومقره لندن- إن هذه حقيقة لا تزال غير معترف بها دوليا إلى حد كبير.وأكد أن الفقراء في دول مثل بنغلاديش يواجهون “وضعا مستحيلا” حيث يحاولون دفع ثمن الخسائر التي لم يتسببوا فيها هم وغيرهم في البلدان الفقيرة ومعظمهم من المساهمين المقلّين في انبعاثات تغير المناخ.وتشير التقديرات إلى أن العائلات الريفية في بنغلاديش تنفق 158 مليار تاكا (ما يقرب من 2 مليار دولار) سنويا لجبر الأضرار المناخية أو محاولة منعها، وفقا لبحث أجراه المعهد الدولي للبيئة والتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة كينغستون البريطانية
.ووجد الباحثون أن هذا هو ضعف المبلغ الذي تساهم به حكومة البلاد، التي لها صندوق وطني خاص للمناخ، و12 ضعفَ ما تحصل عليه بنغلاديش من المانحين الدوليين.وقال مامونور رشيد، المتخصص في تغير المناخ في مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بنغلادش، إن “الإنفاق يحول الأموال بعيدا عن الجهود التي تبذلها العائلات لتحسين حياتها، مما يترك الفقراء محصورين بشكل دائم ومتزايد”.ويرى أن “الكثير من الأشخاص المتضررين من المناخ في بنغلاديش يكافحون بكل ما لديهم من وسائل للتكيف مع تغير المناخ. ولا يُعترف بهذا التدفق المالي… كتمويل للمناخ”، واصفا الفقراء بـ”أكثر الممولين صمتا”.وأضاف أن مثل هذه التدفقات النقدية ليست فريدة من نوعها في بنغلاديش، مما يشير إلى أن الإنفاق العالمي الإجمالي من الأسر على التكيف مع المناخ والخسائر يفوق بالتأكيد الإنفاق الوطني والدولي.
وقال “يجب احتساب هذا التدفق النقدي الخاص في الأرقام العالمية لتمويل المناخ”، مشيرا إلى أن “فشل الدول الغنية ذات الانبعاثات الكبيرة في مساعدة الدول الفقيرة ماليا على التعامل مع العواقب سيخلق تأثيرا كبيرا على كل شيء من الأمن العالمي إلى صحة الكوكب”.وفي 2009 وافقت الدول الغنية على جمع 100 مليار دولار سنويا بحلول 2020 لمساعدة البلدان الفقيرة على التطور بشكل نظيف والتكيف مع آثار تغير المناخ
.ولكن بعد الفشل في تحقيق هذا الهدف اعترفت الحكومات قبل محادثات الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 26) في غلاسكو بأن الوفاء بالعهد لن يتم إلا اعتبارا من 2023 ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تخصيص نصف الإنفاق على المناخ لجهود التكيف، ارتفاعا من 27 في المئة فقط من التمويل العام للمناخ في 2019.كما قاومت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول متقدمة أخرى حتى الآن الجهود المبذولة لإنشاء صندوق منفصل مخصص للتمويل ومساعدة الدول الفقيرة على التعامل مع “الخسائر والأضرار” الناتجة عن تأثيرات المناخ.وفشل ميثاق غلاسكو للمناخ -الذي جرى الاتفاق عليه الشهر الماضي- بشكل ملحوظ في تأمين إنشاء صندوق مخصص جديد للأضرار كانت الدول الضعيفة قد دافعت عنه في القمة.وقال باحثون من المعهد الدولي للبيئة والتنمية إن هذا ترك الفقراء يتحملون عبء الخسائر المناخية المتزايدة في مجتمعاتهم وبلدانهم.ووجدوا في بنغلاديش، حيث قاموا بمسح شمل 1320 أسرة واجهت الفيضانات، أن ما يقرب من ثلث هذه الأسر دفعت مبالغ مقابل رفع مستوى منازلها، على سبيل المثال، بينما استثمر آخرون الأموال في المزيد من حماية حيواناتهم أو في تدابير أخرى.وقالوا إن التكاليف تضر بالبيوت التي ربّاتها من النساء، حيث تنفقن نسبة مئوية من دخلهن أعلى من نسبة ما ينفقه الرجال في محاولة لحماية أسرهن وممتلكاتهن.
ووجد المسح أن النساء كن أكثر احتمالا لبذل جهود للتكيف مع المخاطر المتزايدة مقارنة بالرجال.لكن بالنسبة إلى الكثيرين لا يقف الدفع نحو التكيف في وجه الفيضانات والعواصف الشديدة المتزايدة وغير ذلك من تأثيرات تغير المناخ.وشهدت مؤمنة بانو من شيلماري -وهي منطقة معرضة للفيضانات في شمال بنغلاديش- في مايو فيضانات موسمية مبكرة جرفت منزلها.وكان زوجها قد انتقل في وقت سابق إلى دكا للبحث عن عمل ثم تركها ليكون مع امرأة أخرى هناك. ولم يكن لديها بديل سوى بيع بقرتيها لشراء الطعام وبناء منزل مؤقت على طول طريق مرتفع في شيلماري. ولا تزال هناك اليوم دون أي مدخرات أو أصول للعيش الكريم.وقال سليم الحق -وهو مدير المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية في دكا- إن الفقراء سيستمرون في دفع تكاليف تغير المناخ ما لم يحصلوا على المساعدة. وحث الحكومات الوطنية والمجتمع الدولي على دعمهم بشكل أفضل.

1