أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41121
شتاء المناطق الجبلية في لبنان قارس بلا تدفئة!!
19.10.2021

*أسابيع محدودة تفصل اللبنانيين عن موسم الشتاء ولوازم التدفئة التي تبدو مستعصية في ظل الانهيار الاقتصادي الأكبر في تاريخ البلاد.
راشيا الوادي (لبنان) ـ يتساءل المواطن الخمسيني خالد حامد، القاطن مع عائلته في بلدة الرفيد الجبلية التي ترتفع عن سطح البحر 1200 متر، عن السبل الكفيلة بتأمين لوازم التدفئة في فصل الشتاء التي باتت هما ومشكلة مستعصية في ظل تردي الوضع الاقتصادي والارتفاع غير المسبوق في أسعار وقود الديزل والحطب.
حامد الذي بدا حائرا ومرتبكا -وهو عامل في مزرعة دجاج براتب شهري لا يتجاوز مليونا و500 ألف ليرة لبنانية (ما يساوي نحو 85 دولارا أميركيا، بحسب سعر الصرف في السوق السوداء)- أكد لوكالة أنباء شينخوا أنه لم يتمكن من توفير أية كمية من الديزل أو الحطب لمواجهة برد الشتاء بسبب عجزه عن دفع ثمنها الباهظ، كما هي حال نسبة كبيرة من قاطني المناطق الجبلية الذين بالكاد يقدرون على تأمين لقمة العيش لعيالهم.
وقال “ليس بمقدوري شراء صفيحة الديزل بـ14 دولارا أو طن الحطب بـ100 دولار في حين بات البرد الذي لا يرحم يدق الأبواب”.
وأوضح أن متوسط حاجة العائلة إلى التدفئة في المناطق الجبلية يتراوح بين 8 و10 براميل من الديزل سنويا لتصل تكلفة التدفئة في موسم البرد إلى حوالي 1500 دولار، أي بما يزيد عن راتب عام كامل لصاحب الدخل المحدود.
وكانت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية قد أعلنت في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي عن زيادة في أسعار الوقود في السوق المحلية بنسبة 16 في المئة، علما بأن أسعار الوقود ارتفعت خلال أقل من عام إلى ما يفوق 7 أضعاف.
وأتت هذه الزيادة في وقت بات فيه الفقر يؤثر على 74 في المئة من إجمالي السكان في لبنان، بحسب دراسة حديثة أجرتها مؤخرا لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
ويترافق ذلك مع انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع أسعار مختلف المواد الحياتية بنسبة 400 في المئة، في حين سجل التضخم السنوي 85 في المئة تقريبا، إضافة إلى أن مئات الآلاف خسروا وظائفهم إثر تدهور الوضع الاقتصادي وتفشي فايروس كورونا وكارثة انفجار مرفأ بيروت.
وتفصل اللبنانيين أسابيع محدودة عن موسم الشتاء ولوازم التدفئة التي تبدو مستعصية في ظل الانهيار الاقتصادي الأكبر في تاريخ البلاد وهبوط قيمة الليرة.
وباستثناء المدن الساحلية اللبنانية الواقعة على شاطئ البحر المتوسط تبقى معظم المناطق اللبنانية الداخلية -بوديانها وجبالها وسهولها التي ترتفع ابتداء من 300 متر عن سطح البحر- في حاجة ماسة إلى التدفئة بوصفها من ضروريات الحياة ولا يمكن الاستغناء عنها في فصل الشتاء.
وقالت القاطنة في بلدة “عيحا” شرق لبنان الغربي التي تعلو 1450 مترا عن سطح البحر سلوى أبوداود -وهي ربة منزل وأم لأربعة أطفال أصغرهم لا يتجاوز 9 أشهر- “اعتدنا في أواسط صيف كل عام تأمين وقود التدفئة في الشتاء، لكن أزمة انقطاع الوقود حالت دون ذلك”.
وتساءلت “كيف نحمي أطفالنا من البرد في ظل الثلوج التي تتراكم في بلدتنا لعدة أسابيع بسُمك يتجاوز 80 سنتيمترا”.
وأضافت “جاء قرار الحكومة برفع الدعم كليا عن الوقود بمثابة الضربة القاضية لأهالي المناطق الجبلية الذين أصبحوا غير قادرين على شراء مادة الديزل بأسعارها الجديدة المرتفعة مما سيعرض حياة العائلات للخطر، حيث بات ثمن صفيحة الديزل نحو 245 ألف ليرة لبنانية في وقت يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور في لبنان 675 ألف ليرة لبنانية”.
بدوره قال جمال اللقيس -الذي يعيش مع عائلته المؤلفة من 7 أفراد في بلدة “جب جنين” الجبلية- إنه حاول شراء طن من الحطب للتدفئة لكنه فوجئ بسعره البالغ 4.5 مليون ليرة (ما يوازي نحو 257 دولارا أميركيا) للطن الواحد الذي يكفيه حوالي شهر كحد أقصى.
وأضاف “كل خيارات تأمين وقود الشتاء أصبحت صعبة، وقد توجهت مرغما لشراء الديزل على دفعات في خيار صعب بين الموت بردا أو الموت جوعا”.
أما نايف رافع العامل في تجارة حطب التدفئة منذ 20 عاما فقال إن “سعر طن الحطب العام الماضي كان 750 ألف ليرة، أما اليوم فقد تجاوز 4 ملايين ليرة تبعا لنوع الحطب”.
وأضاف “هذا الواقع المرير دفع أهالي القرى الجبلية للتوجه إلى الأحراج والغابات لقطع أشجارها، فيما عمد القسم الأكبر إلى تقليم أشجار بساتينهم وتحطيب بعضها لاستغلالها كوقود لنار التدفئة”.
من جهته أكد الستيني أحمد عواد من بلدة “راشيا الوادي” على أنه ينتظر مساعدات بعض الجمعيات الخيرية والبلديات على أمل قيامها بتوزيع مادة الديزل بالمجان على العائلات الأكثر فقرا.
وأضاف أنه “في حال لم تصل هذه المساعدات سيكون هو وأفراد عائلته الخمسة أمام خيار وحيد وهو الحماية من البرد بالملابس الصوفية وتمضية الشتاء تحت البطانيات”، مشيرا إلى أن الكثير من العائلات لن تجد سوى هذا الخيار لتمضية الشتاء.
ويعاني لبنان منذ عام 2019 من أزمات مالية واقتصادية وصحية ومن تدهور معيشي متصاعد وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وتآكل المداخيل والمدخرات، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر وتراجع قدرة اللبنانيين الشرائية إثر ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 74 في المئة.

1