أحدث الأخبار
الخميس 18 نيسان/أبريل 2024
غزة..فلسطين: صاحب بسطة «روتس الغلابة» في غزة ينجو من الانتحار سخطا على قرارات البلدية ويظفر بوظيفة في أكبر المطاعم!!
25.08.2015

لم يكن في مخطط الشاب محمد أبو عاصي من مدينة غزة، الذي وقع في خلاف مع البلدية، أن يظفر بوظيفة براتب شهري يؤمن له احتياجات أسرته بالحد الأدنى، حينما أقدم على الانتحار بشرب السم، احتجاجا على مصادرة معدات بسطته الشهيرة الموجودة على أحد أركان الشاطئ البحري.خلال الـ 48 ساعة الماضية تفاعلت مشكلة هذا الشاب المتزوج والمعيل لأسرة مكونة من أربعة أفراد، حينما رفضت الجهات المعنية في بلدية غزة تسليمه معدات عمله، وهي عبارة عن عدد من الكراسي البلاستيكية التي يخصصها لجلوس الزبائن، أمام بسطته المقامة في بداية منطقة «الكورنيش» وهو شارع البحر المعبد في مدينة غزة، والتي سبق وأن صادرتها بذريعة المخالفة.فهذا الشاب الذي ضاقت به الأوضاع الاقتصادية، خاصة أن فعل البلدية تكرر مرات عدة، لجأ إلى شرب السم للتخلص من حياته، بعدما فقد الأمل في إعادة ممتلكاته التي يستخدمها في توفير المال للأسرة.وعلى الفور تدهورت الحالة الصحية للشاب أبو عاصي، المعروف بصاحب بسطة «روتس الغلابة»، وهم اسم استقاه من المطعم الأشهر في غزة «الروتس»، المخصص لأصحاب الدخل المرتفع، حيث أن مرتاديه من الطبقة الغنية، فأدخل على الفور غرفة العناية المكثفة في مشفى الشفاء، ليفتح بذلك باب غضب شعبي على بلدية غزة. على الفور تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء المحلية مع الخبر الذي انتشر في غزة كالنار في الهشيم، وسط مطالبات بمعاقبة المسؤولين عن الحادثة مباشرة، بدأت المواقع تعج بعشرات الصور السابقة للشاب أبو عاصي وهو يقف خلف عربته على شاطئ مدينة غزة، وصور أخرى لهذه العربة، بعدما حطمتها أجهزة البلدية المختصة، وصور له وهو يرقد على سرير العلاج في المشفى، في وضع صحي خطير.ودفع هذا الأمر بالقيادي في حركة حماس أحمد يوسف للمناداة بإقالة رئيس بلدية غزة، الذي عينته الحركة من قبل. وكتب يوسف في تدوينة له على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» «تعاطفًا مع محمد أبو عاصي، وبعيدا عن فذلكات السياسة، والاصطياد الممجوج في مياه الحادث المأساوي الذي وقع، لا بد أن يكون هناك من يدفع الثمن».وأعلن أنه يضم صوته لكل من يطالب بإقالة رئيس البلدية، وقال «بغض النظر عن وجهة نظر بلدية غزة، وقرارها بمنع الشاب أبو عاصي من إشغال الطريق العام، وعدم إرجاع ممتلكاته الخاصة، فإن التعاطف مع الضحية يجعلنا نطالب بإقالة رئيس البلدية، لاعتبارات تتعلق بسوء التصرف مع مواطن غلبان حاول أن يحفظ كرامته من التسول».كذلك لاقت العملية اهتماما من قبل الفصائل الأخرى، حيث طالب جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، بضرورة محاسبة وإقالة رئيس بلدية غزة، بعد أن قال إن تصرفاته غير المسؤولة أدت إلى تعريض حياة أبو عاصي للخطر. وأعرب عن قلقه من مصير آلاف الشبان الذين ضاقت أمامهم كافة السبل.قبل ذلك كان القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار، قد زار الشاب أبو عاصي في مرقده على سرير العلاج في غرفة العناية المكثفة، ووعد خلال اللقاء عائلته بمتابعة قضيته والعمل على حلها.وفي خضم تفاعل الحادثة أصدرت بلدية غزة بيانا تشرح فيه ملابسات ما حدث، بأن نفت مسؤوليتها عما حدث، وعبرت عن استغرابها لتحميل بعض الجهات المسؤولية لها، وقالت إنها تعاملت بـ «روح القانون رغم مخالفتها للأنظمة، وسمحت بوجود البسطات ضمن ضوابط».قالت في شرحها للحادثة إن موظفيها تفاجأوا بقدوم المواطن أبو عاصي إلى دائرة النظام والانضباط بطلب حاجياته التي حجزت قبل شهرين، فكان رد الموظفين أنهم لا يستطيعون ردها إلا بقرار رسمي من البلدية؛ لأنها مخالفة تكررت أكثر من مرة وهذا الإجراء المتبع في البلدية، مشيرة إلى أنه بعد ما يزيد عن ثلاث ساعات من مغادرته مقر دائرة النظام والانضباط تم الإعلان عن وصوله إلى المستشفى مصاباً بحالة تسمم.رغم أن البلدية طالبت بلجنة تحقيق من المجلس التشريعي، إلا أن مبرراتها لم تلق آذانا صاغية من الجمهور الفلسطيني الذي واصل تحميلها المسؤولية.وفيما بعد أعلنت وزارة الحكم المحلي عن تشكيل لجنة تحقيق في القضية، التي أصحبت قضية رأي عام، تحمل مأساة مئات آلاف الغزيين العاطلين عن العمل، بسب فعل الحصار الإسرائيلي. وحملت عائلة الشاب محمد أبو عاصي بلدية غزة فور تسمم نجلها المسؤولية الكاملة على الوضع الذي وصل إليه. وقالت شقيقته إن أخاها تناول سم الفئران وكأنه يقول لنا «إننا هنا في غزة نحيا حياة الفئران ولا يليق بنا إلا أن ننهي حياتنا مثلهم بنفس طريقة الفئران». وحملت رئيس البلدية شخصيا مسؤولية كل ما حدث وما قد يحدث لشقيقها. وتعهدت بملاحقة المسؤولين.هدأ ملف هذا الشاب قليلا، بعدما أعلنت المصادر الطبية وجود تحسن على حالته. وظفر الشاب من على سرير المرض على وظيفة براتب معقول للعمل في «مطعم الروتس» الأصلي، حينما قام بزيارته أحد أعضاء مجلس إدارة هذا المطعم، دون أن يكون يعلم أنه قد فتحت له آفاق حياة جديدة، بعد إصراره على الموت.لكن رغم الهدوء الذي طرأ على الملف يوم أمس، فإن الحاثة فتحت الباب على مأساة آلاف الشبان الذين افتتحوا بسطات صغيرة للعمل على مفترقات الطرق، إما لبيع الذرة أو المشروبات الساخنة.في تيمن جديد بالأسماء الشهيرة، أطلق شاب على بسطته اسم «موفمبيك على قد الحال»، وهو الاسم لأشهر فنادق مدينة غزة، ويقع على مقربة من الشاطئ، لكن على عكس الفندق الشهير، خصص هذا الشاب البسطة لبيع الذرة المسلوقة والمشوية.!!


1