أحدث الأخبار
الخميس 18 نيسان/أبريل 2024
بغداد.. العراق : بداية نهاية جيش بريمر: هجرة الجيش الطائفي العراقي إلى مليشيات "الحشد الشيعي"!!
28.06.2015

تواجه ما يسمى بالدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية تهديداً خطيراً، يتمثّل بالهجرة الواسعة من صفوف قوات الجيش الطائفي العراقي التي اسسه بريمر في اعقاب احتلال العراق عام 2003 ، إلى المليشيات، وهو خطر توسّع في الفترة الأخيرة بسبب الامتيازات المالية والمعنوية والحصانة الممنوحة لمليشيات "الحشد الشعبي"، ما يُنذر باتساع ما عُرف أخيراً بحكومة الظل الدينية في العراق أو "دولة المليشيات". ويلقي الكثير باللائمة على الحكومة في الفشل بإعادة الهيبة للجيش العراقي ودعمه مالياً وعسكرياً ومعنوياً في ما آلت إليه الأمور من تذمّر كبير في صفوف الجيش النظامي الذي يجد نفسه متراجعاً أمام البشمركة الكردية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ومليشيا "الحشد الشعبي".وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع العراقيّة إنّ "المئات من عناصر الجيش العراقي التحقوا بصفوف المليشيات وتركوا الجيش بشكل نهائي"، موضحاً أن "هذه الظاهرة اتسعت في الأيام الماضية في عدد كبير من وحدات وألوية الجيش العراقي، إذ يترك الجنود الجيش ويلقون أسلحتهم وهوياتهم العسكرية ليذهبوا إلى صفوف الحشد الشعبي، حيث المال والراحة وعدم التقيّد بالقوانين العسكرية والإدارية، فضلاً عن مكانة اجتماعية لعناصر هذه المليشيات داخل بلداتهم وعائلاتهم أيضاً".وأشار إلى أن "عنصر المليشيا يحصل على ضعف ما يحصل عليه الجندي العراقي من مال، إذ يقبض مرتبين؛ الأول من إيران والثاني من الحكومة العراقية، فضلاً عن هبات وهدايا من رجال الدين، كما أن عنصر المليشيا يرتكب ما يحلو له من دون أن يُحال لقضاء أو يُحاسِب على عكس الجندي النظامي"..ولفت المسؤول العراقي إلى أن "قوات الحشد الشعبي الشيعي هي من تنفذ عمليات الإعدام الميدانية والحرق والسحل والسرقة، وهذا بحد ذاته مصدر دخل إضافي لها، إذ تحصل على ما يُعرف بالغنائم من معاركها تلك"، كاشفاً عن "تسرّب أكثر من 2700 عسكري من الجيش إلى المليشيات بمختلف فصالها خلال شهر واحد تقريباً".من جهته، رأى الخبير العسكري عبد العظيم الشمري، وهو لواء ركن متقاعد من الجيش العراقي، أنّ "مساعي تقويض الجيش العراقي هي قضية متفق عليها داخل الحكومة العراقية وبالتفاهم مع دول إقليمية تسعى لذلك". وقال الشمري، ، إنّ "الحكومتين الحالية (حكومة العبادي) والسابقة (حكومة نوري المالكي) عملتا باتجاه واحد بالتعاطي مع الجيش العراقي ووزارة الدفاع"، موضحاً أنّ "المالكي تسبّب بانهيار وهزيمة للجيش خلال دخول داعش إلى الموصل، وهذا الأمر لم يحدث مصادفة، بل تم التمهيد له والاتفاق المسبق على ذلك".وأضاف أن "العبادي جاء ليكمل ما بدأه سلفه المالكي تجاه المؤسسة العسكرية، ودفع باتجاه تبنّي مشروع الحشد الشعبي ودعمه بكل ما يحتاجه من مال وسلاح على حساب الجيش العراقي، فضلاً عن رسم هالة مقدّسة تحيط بالحشد على اعتبار أنّها المؤسسة الأقوى في العراق، والتي لا ترتكب الانتهاكات، وأنّها الجهة الوحيدة التي تستطيع قتال داعش".ورأى الشمري أنّ "استمرار المساعي والتوجهات نفسها من المالكي إلى العبادي، يرجع إلى الجهة التي تدعم هذا الاتجاه، والتي تسعى إلى تحطيم الجيش العراقي، وهي إيران"، مبيناً أنّ "إيران تحاول من خلال أدواتها في العراق أن تأخذ ثأرها من الجيش العراقي الذي أذاقها طعم الهزيمة خلال حرب الثمانينيات من القرن الماضي، وقد رأينا أنّ ثأرها لم يكن فقط من الجيش بل شمل حتى مقابر شهداء الحرب العراقية - الإيرانية في تكريت، والتي نبشتها وسوّتها بالجرافات إبّان معركة تكريت ضد داعش التي قادها الحرس الثوري الإيراني"..وأشار الخبير العسكري إلى أنّ "كل ذلك تسبب بانهيار معنويات الجيش ضباطاً وجنوداً، والذين فقدوا الرغبة بالعمل في هذه المؤسسة، ما انعكس سلباً على أداء هذه المؤسسة وهمّش دورها خلال المعركة مع تنظيم داعش، وهذا هو المطلوب بالنسبة للحكومة العراقيّة".بدوره، رأى المحلل السياسي، فراس العيثاوي، أنّ "المليشيات اليوم في العراق تمر بعصر ذهبي لم تعش مثله في السابق، لا في العراق ولا في غيره". وقال إنّ "المليشيات في العراق، والتي صُنّفت اليوم على أنّها مؤسسة عسكرية تعيش فترة غير مسبوقة، من خلال حصولها على الشرعيّة والجهة الرسميّة، وأنّها المؤسسة الوحيدة في العراق التي لا يستطيع أحد أن يحتك بها، من خلال الدعم والحصانة التي حظيت بها من قبل الحكومة والمرجعية، الأمر الذي جعلها وكأنّها مؤسسة مقدّسة". وأشار إلى أنّ "الدعم المادي والمعنوي والرواتب والمخصصات وغيرها من الأمور التي خُصّصت للحشد، رُصدت لها كمحاولة لإغراء وكسب الجنود في الجيش العراقي لضمهم لصفوف الحشد".واعتبر العيثاوي أنّ "الحكومة اليوم تخطط وتمهد وتتآمر لمؤسسة على حساب مؤسسة أخرى، علماً أنّ المؤسستين هما عراقيتان وتابعتان لها"، مشيراً إلى أنّ "هذا التوجّه بشكل عام ليس توجهاً لإدارة دولة، بل هو توجّه ضيّق لا يمكن أن يُمارس من قِبل رئيس حكومة بقدر ما هو توجه لزعيم مليشيا أو رئيس عصابة"، محذراً من أن "إدارة الدولة بهذه الطريقة تدفع بالبلاد نحو الانهيار المؤسساتي، وبدأ هذا الانهيار فعلاً من المؤسسة العسكرية، وسيشمل باقي المؤسسات، مما سينتهي بالبلاد إلى التفكك والتصدع".!!


1