أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
حال واحوال عرب النقب في ظل السياسه الاسرائيليه العنصريه!!

بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 27.02.2012

بادئ ذي بدء لا بُد من الاعتراف أنه وبعد اكثر من نصف قرن من الاحتلال والاحلال الاسرائيلي بوجود ازمه وطنيه سياسيه فلسطينيه عامه عصفت وتعصف بجميع قطاعات الشعب الفلسطيني بمافيهم فلسطينيوا الداخل ومن بينهم عرب النقب[بدو جنوب فلسطين],وبالتالي وبالرغم من مُحاولة عزل كثير من قطاعات الشعب الفلسطيني عن جوهر القضيه الفلسطينيه وإدخالها في اطر وتعريفات جغرافيه وسياسيه تخدم بالمحصله المشروع الصهيوني , إلا ان هنالك حقيقه تاريخيه لا يمكن القفز عنها وهي أثر سياسة الاحتلال والاحلال الاسرائيليه على جميع قطاعات الشعب الفلسطيني أينما تواجدوا جغرافيا وديموغرافيا على امتداد فلسطين التاريخيه وعلى إمتداد المهجر الفلسطيني.
من هنا لابد من تثبيت نقطه مركزيه ومهمه في استراتيجية السيطره الاسرائيليه على الشعب الفلسطيني ككل وهي تقسيم الشعب الفلسطيني الى حالات ومُسميات تندمج مع الاستراتيجيه الصهيونيه المبنيه على اساس الانفراد بقطاعات الشعب الفلسطيني[ تحت مسميات مختلفه : عرب اسرائيل, بدو اسرائيل, وعرب الضفه والقطاع, واللاجئين في المهجر] من جهه والتعامل مع كل هذه القطاعات وتواجدها الجغرافي وحالتها السياسيه من منطلق تطبيق المشروع الصهيوني المبني على الاحلال والاحتلال وتهويد مناطق التواجد الفلسطيني من جهه ثانيه وبالتالي ماجرى ويجري أن اسرائيل لم تعترف يوما من الايام بفلسطينيي الداخل كّمواطنين" لابل مارست اسرائيل استراتيجية السيطره والاستيطان على مناطق التواجد الفلسطيني[ داخل كيان الدوله الاسرائيليه] بنفس الاسلوب اللتي تُمارسه في الضفه والقطاع وإن إختلف ألأمر نوعا ما في شكل المُصادره والاحلال والتهويد, ولكن ليس في فحوى الاهداف الاسرائيليه الساعيه الى فرض التهويد والوجود الصهيوني على طول وعرض فلسطين التاريخيه!!
لم يختلف الامر بالنسبه لعرب النقب[ بدو جنوب فلسطين] عن باقي قطاعات الشعب الفلسطيني اللذي مازال يُعاني من اثار نكبة عام 1948 حتى يومنا هذا, ققد كان عدد بدوجنوب فلسطين قبل عام 1948 000 66 نسمه ولم يبقى منهم في النقب بعد موجات الطرد والتهجير اللذي مارستها العصابات الصهيونيه سوى 11000 نسمه قامت اسرائيل ابان الحكم العسكري [...1948 حتى 1966 ] بحصرهم [ال 11000 الباقون] في منطقه جغرافيه محدده في النقب اطلقت عليها اسرائيل تسمية منطقة "السياغ", وهي المنطقه اللتي قامت اسرائيل بتجميع ماتبقى من بدو بداخلها وحالت دون عودتهم الى ارضهم وديارهم الاصليه حتى يومنا هذا !!
هنا فقط للتذكير ان اسرائيل لطالما إدعت ان بدو النقب كانوا بأكثريتهم دوما بدو رُحَل ولا يملكون الارض بشكل دائم, ولكن التعريف العلمي والتاريخي يُثبت ان درجة الترحال في بادية النقب وما حولها لم تكن بمعنى الترحال الكامل والبداوه الكامله[ هنالك تعريف لانواع االبداوه والترحال في العالم: بدو رُحل بشكل كامل ولا يملكون ارضا مُعينه. وبدو نصف رُحل, وربع رُحل الخ وقد يطول الحديث حول هذه التعاريف], بمعنىان ن الميزه اللتي تُميز بدو النقب عن باقي اشكال البداوه في العالم هي الميزه التاريخيه والعلميه لبدو النقب اللتي تندرج تحت تسمية "سِيمي بداوه" وهم الرُبع رُحل من البدو اللذين يملكون الارض واماكن سكن ثابته ولا يتركون ديارهم إلآ لمده قصيره بهدف الرعي والمراعي ثُم يعودون الى ديارهم الاصليه ويزرعون ارضهم ويحصدوها في موسم الحصاد وبالتالي ظل عرب النقب على مدى قرون ملاكي ارض في النقب واصحاب مساكن وديار ثابته يعيشون على تربية المواشي وزراعة الارض في حين كانت من بينهم اقليه تعمل في المدن المجاوره كايدي عامله وتشير إحصائيات الانتداب البريطاني أنهُ في عام 1931 كان " 82% من بدو النقب يعيشون على الزراعه وتربية المواشي والنسبه المتبقيه عملت كايادي عامله وفي مهن اخرى" !!!
لم تدخر اسرائيل جهدا وتترك اسلوبا[ بعدعام 1948 وحتى يومنا هذا] إلا ومارسته ضد عرب النقب شانهم شأن باقي قطاعات الشعب الفلسطيني[ الجليل و المثلث, المدن الفلسطينيه, الضفه والقطاع], وقد تميزت حُقبة الحكم العسكري اللتي خضع لها عرب النقب باستيلاء اسرائيل على مُعظم اراضي وديار عرب النقب من جهه وبتكثيف الاستيطان اليهودي الصهيوني في النقب من جهه ثانيه وبالتالي وبالرغم ان الاستيطان الصهيوني في النقب عامه قبل عام 1948 لم يكن ذو اهميه جغرافيه وديموغرافيه, إلا ان هذا الاستيطان والسيطره الاسرائيليه قد تكثف من خلال اعلان مناطق شاسعه في النقب كمناطق عسكريه يُحذر على العرب من الدخول اليها, وهذه المناطق كانت وما زالت تُوظف للاستيطان اليهودي وفرض الواقع الاستيطاني والديموغرافي الجديد في النقب[ كان العرب حتى عام 1948يُشكلون الاكثريه الساحقه من سكان النقب وخاصة منطقة النقب الشمالي اللتي كانت تضم مدينة بئر السبع والمضارب البدويه المجاوره...عام 1948 إحتلت العصابات الصهيونيه مدينة بئر السبع وطردت جميع مواطنيها من العرب,,, تحولت مدينة بئر السبع العربيه اليوم بسبب الاهمال الاسرائيلي ومحوالاثار والمعالم العربيه القديمه الى اطلال وخراب, وملاهي ليليه ومتاحف طالت حتى مسجد المدينه الذي مازال قائما ومُغلقا امام العرب المسلمين منذ عام 1948]!!
هنا لا بد من االتدكير ايضا بحدث ومعلومه تاريخيه وهي : إنعقاد مؤتمر بلدة الشريعه لعام 1932 في النقب بحضور الحاج امين الحسيني وجمع من مشايخ بدو النقب , وكانت اهم قرارات هذا المؤتمر " الدفاع عن ارض النقب, وإعتبار كل من يتعامل اويبيع ارض للإنتداب والحركه الصهيونيه, إعتباره خائن ومهدُور الدم", والنتيجه المباشره لمؤتمر الشريعه هي أن اقل نسبة اراضي بِيعَت[ خدعه او قصد] في فلسطين للحركه الصهيونيه قبل عام 1948 كانت في النقب!! [ جميع املاك اليهود من الارض في فلسطين لم تتعدى حتى عام 1948 نسبة ال5% من كامل الارض الفلسطينيه التابعه باكثريتها الساحقه لمُلكية العرب الفلسطينيين وبعض العرب من الجوارالفلسطيني]!!
تُعتبر فترة الحكم العسكري بمثابة المرحله الاولى في عملية استيلاء اسرائيل على اكثرية اراضي عرب النقب وتشريد الاكثريه الساحقه من عرب النقب الى دول الجوار وخاصة الاردن, إلا ان اسرائيل لم تكتفي بترحيل بدو الجنوب والاستيلاء على اراضيهم لابل بدأت منذ نهايه الستينات وبداية السبعينات مايمكن تسنميته بالمرحله الثانيه من مخطط شامل كامل بهدف الى حصرأكبر عدد من بدو النقب على اقل مساحه جغرافيه ممكنه في النقب من جهه والعمل على تشويه الهويه الحضاريه والوطنيه لعرب النقب من خلال التغريب المُبرمج ومُحاولة خلق هويه مُزيفه للبدو تعتمد التحييد السياسي والاستقطاب ضمن كون" بدو النقب ليس تابعين للشعب الفلسطيني ومواليين للدوله الاسرائيليه" من جهه ثانيه وبالتالي إعتمدت اسرائيل على التوطين القسري في استراتيجتها كركيزه اولى, والحفاظ على التركيبه القبليه في النقب من خلال منح القيادات التقليديه إمتيازات خاصه , ومحاولة الحيلوله دون تبلور وعي وقياده عربيه جديده في النقب كبديل اللقياده القبليه الجاهله والمُهادنه والمتواطئه في كثير من الاحيان مع سياسة الدوله الاسرائيليه!!
من هنا سنحاول تقسيم هذه المقاله الى نقطتين مركزيتين لالقاء الضوء بإسهاب على وضع وتطور عرب النقب في ظل مطرقة التهجير والتوطين وسندان التركيبه القبليه:
1. كما ذكراعلاه بدأت اسرائيل في بداية السبعينات بالتخطيط التوطين البدو قسريا وحددت لهذا الغرض سبع نقاط ومدن في النقب وقد قامت اسرائيل وعملاءها المحليين بحملة دعايه وتسويق سياسي بكون التوطين القسري عمل " تطويري" وتحضير لحياة البدو,بينما الحقيقه هي ان اسرائيل ارادت الاستيلاء على ارض كل من دخل الى مشاريع التوطين وهذا ماحدث في حقبة السبعينات والثمانينات اللتي إستغلت فيها اسرائيل الجهل العام والتواطؤ المحلي وعدم معرفة الناس بخفايا النوايات الاسرائيليه,وبدات بمشاريع التوطين بعدد من المخدوعين والساذجين من البدو الى داخل نقاط التركيز والتوطين وجعلت منهم عَيِنَه اولى اللتوطين و"التحضير" الاسرائيلي وقد إعتمدت اسرائيل اسلوب الترهيب والترغيب والخداع في عملية التوطين والتهجير والسؤال المطروح: ماهي الاساليب اللتي إستعملته اسرائيل في عملية توطين بدو النقب؟ وهذا ما سنُجيب عليه في النقاط التاليه:
اولا : كان ومازال الاسلوب المركزي لاسرائيل في عملية تهجير وتوطين البدو هو الاستيلاء على الارض وطرد البدو من ديارهم من خلال القوه ومن خلال مصادرة الارض تحت بنود وقوانين اسرائيليه اوجدتها اسرائيل خصيصا لهذا الغرض, وعندما لم تُفلح إسرائيل في تحقيق نجاح في بداية التوطين لعدم إقبال عرب النقب على التوطين ورفضهم للمشاريع الاسرائيليه,,قام شارون[انذاك وزير الزراعه] في عام 1976 بتأسيس ما يُسمى ب"الدوريات الخضراء" الشبه عسكريه وقد أُسندت لهذه الدوريات مُهمة مُلاحقة البدو وإرهابهم وطردهم من اراضيهم من جهه والاستيلاء على مواشي البدو ومصادرتها بحجة الرعايه "في اراضي الدوله" او دخولها " المحميات الطبيعيه"[ المحميات: اراضي تابعه لبدو النقب تُعلنها اسرائيل بعد مصادرتها كمحميات طبيعيه] من جهه ثانيه وبالتالي كان الهدف الاسرائيلي من مصادرة الارض والمواشي يهدف الى ضرب وتدمير مقومات الاقتصاد البدوي التقليدي , وتضييق الخناق على البدو حتى يرحَلوأ الى مشاريع التوطين الاسرائيليه, وبهذا الاسلوب فرضت اسرائيل قسريا النواه البشريه لمشروع توطين بدو النقب! هنا للمثال فقط قامت اسرائيل باستغلال ما يسمى معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل[نقل المعسكرات والمستوطنات الاسرائيليه من سيناء الى النقب] من جهه وسن قوانين جائره لمصادرة اراضي عرب النقب من جهه ثانيه وبالتالي أطلقت اسرائيل العنان لم يُسمى بالدوريات" الخضراء" لملاحقة وإرهاب بدو النقب وطردهم من الارض حيث اعلنت الدوريات الخضراء مناطق شاسعه من اراضي النقب كمناطق عسكريه مُغلقه والنتيجه ان عدد الماعز اللذي كان يقتنيها البدو ويعتاشون منها قد انخفض من 100000 راس ماعز الى 40000 راس بين عام 1978 وعام 1979[ اسرائيل كانت تُصادر مواشي البدو وتبيعها لتجار اللحوم باسعار زهيده], وفي نفس هذه الحقبه[1979 ..1980] قامت اسرائيل بطرد عشرة الاف نسمه من بدو النقب من اراضيهم وديارهم الى داخل نُقاط التوطين القسري اللذي حددتها اسرائيل لتوطين البدو, وقامت اسرائيل في هذه الحقبه فقط بمصادرة 800000 دونم من اراضي البدو ومنعتهم من الدخول اليها او زراعتها!! هنا لابد من التذكير ان مساحة النقب تبلغ 13 مليون دونم وقد حاول البدو في النقب تثبيت ملكيتهم بالحد الادنى على 2 مليون دونم, ولكن اسرائيل استمرت بالمصادره والتوطين ولم يتبقى تحت ملكية بدو النقب في الوقت الراهن سوى 230000 دونم تعتبرها اسرائيل اراضي دوله ومُتنازع عليها وتحاول مصادرتها وإقتلاع 45 قريه بدويه لا تعترف بوجودها اسرائيل وذلك بالرغم من ان هذه القرى والمضارب البدويه قائمه بمئات السنين قبل نَشاة اسرائيل ويعيش بداخلها ما يُقارب نصف عدد عرب النقب الذي يبلغ اليوم عددهم الاجمالي ما يُقارب ال 180000 نسمه!![ سناتي للقرى الغير المعترف بها فيما بعد]!!
ثانيا: إعتمدت اسرائيل على اسلوب اخر من اساليبها وهو الخديعه والاغراء: كان البدو انذاك [اواخر الستينات] لا يملكون اي مقومات بنيه تحتيه او وسا ئل إتصالات او مراكز شراء, لايوجد كهرباء ولا هواتف ويضطر البدوي انذاك بالذهاب الى المستوطنات اليهوديه المجاوره اومدينة بئر السبع حتى يُجري مكالمه هاتفيه ضروريه اوشراء بعض الحاجيات وبالتالي ماجرى ان اسرائيل قامت ببناء بدايات مدن ونقاط التوطين القسري مُعتمده على بناء بيوت وحارات لعائلات صغيره لا تملك بالاصل ارضا[ ليست لها ارض ملك], وقامت بتزويد وزركشة هذه الحارات بالكهرباء والهواتف العامه وبعض مراكز الشراء لتكون نقطة إجتذاب وإغراء للبدو المحرومين اصلا من اي مقومات البنيه التحتيه!! وفي المقابل أطلقت إسرائيل عُملاءها المحليين وسماسرة الارض من بين البدو انفسهم,,اطلقتهم لبث الرعب والترغيب وإقناع الناس اصحاب الاراضي" بضرورة إقتناءهم مكان سكن في مدن التوطين, وإلا سيخسرون الارض والسكن في النقب" ناهيك عن ان اسرائيل حاولت الوصول من خلال السماسره [وأقرباء بعض العائلات العربيه في النقب] الى بعض اصحاب الارض المُهجرون في الاردن ومحاولة خداعهم ببيع ارضهم والتنازل عنها لصالح الدوله ومشاريع التوطين!![ لم تنجح اسرائيل كثيرا في مسعاها هذا بسبب رفض اصحاب الارض المُهجرون].
في هذا السياق عمدت اسرائيل الى ترويج الدعايه نحو الداخل والخارج بكون" التوطين والاستيلاء على اراضي عرب النقب" يهدف الى "تطوير حياة بدو النقب", وقد جندت لهذا الغرض وُجوه محليه ومتعلمين من بين عرب النقب انفسهم كان دورهم العمل على إقناع الناس وبث الدعايه في الاعلام نحو الخارج والداخل بأن ما تقوم به إسرائيل عمل "تطويري" وليست توطين قسري ومُصادرة اراضي وحقوق!
نجحت إسرائيل منذ عام 1970 وحتى يومنا هذا بتوطين أكثر من 90000 بدوي من النقب داخل سبع نقاط توطين قسريه اكبرها مدينة رهط اللتي يفوق عدد سكانها ال40000 نسمه واكثر وتُعتَبر المشروع الاكبر للتوطين في النقب, ويكتظ فيها الناس في اكثر الاحيان كالسردين, وهذا ما يندرج في مُخطط وإستراتيجية اسرائيل بحصر عرب النقب على اقل مساحه جغرافيه ممكنه والاستيلاء على اراضي العرب وزرعها بالمستوطنات اليهوديه بهدف التهويد المكثف للنقب, وفي هذا الاطار وفي الوقت اللتي يُحرم فيه البدو من اراضيهم , تقوم اسرائيل بمنح اراضي البدو المُصادره لما يُسمى بالمزارع والمستوطنات الفرديه اللتي تمنح من خلالها اسرائيل افراد من اليهود مساحه شاسعه من الارض وتقدم العون لهؤلاء المستوطنين حتى يبسطوا سيطرتهم على اراضي عرب النقب!! وفي المقابل وكما ذكرت اعلاه قامت اسرائيل بتدمير الاقتصاد البدوي التقليدي المرتكز على زراعة الارض وتربية المواشي, وزجت باكثر من نصف عدد عرب النقب الى مدن توطين تنقصها كل المقومات الاقتصاديه والبنيه التحتيه سواء الصناعيه او اماكن العمل او غيرها,.. والنتيجه الحاصله اليوم ان سكان مدن التوطين القسري من البدو يُعانون من الفقر والبطاله بنسبه عاليه إذ تبلغ نسبة البطاله في هذه المدن نحو 40% في المئه او اكثر, وتبلغ نسبة من يعيشون تحت خط الفقر ال50% وتبلغ نسبة اطفال عرب النقب اللذين يعيشون تحت خط الفقر 56% ناهيك عن المشاكل الاجتماعيه والمأسي الانسانيه الحاصله في مدن التوطين القسري وفي مايُسمى بالقرى الغير مُعترف بها!!
ثالثا: القرى" الغيرالمعترف بها" في النقب: لا يُعبر مصطلح" الغير معترف بها" عن وجهة نظر كاتب هذه المقاله الذي يؤكد على رأيه في تسمية القرى العربيه في النقب كقرى عربيه , ولكن المقصود هنا إدراج احد اساليب اسرائيل في مصادرة اراضي عرب النقب وذلك عبر عدم إعتراف اسرائيل بالقرى العربيه وبما هو قائم في هذه القرى من اراضي وبيوت وبشر , ولذلك اخذت هذه القرى تسميه " القرى الغير معترف بها" من عدم اعتراف إسرائيل بهذه القرى لاسباب سياسيه وإحلاليه, وذلك بالرغم من ان هذه القرى شرعيه من الناحيه التاريخيه وقائمه قبل نشاة اسرائيل بمئات السنين!!
يبلغ عددالقرى "الغير معترف بها" في النقب ال45 قريه ويقطنها ما يتجاوز ال 80000 من عرب النقب وحسب الاحصائيات تبلغ مساحة الارض التي هي بحوزة سكان هذه القرى أكثر من 180000 دونم, وتفتقرهذه القرى الى الحد الادنى من البنيه التحتيه, الكهرباء , الهواتف, المجاري , الشوارع,العيادات الصحيه والنقص الكبير في المدارس ومياه الشرب, وتعيش اكثرها في حالة القرون الوسطى "داخل دولة اسرائيل الديموقراطيه!!", وتُعاني من البطاله والفقر بشكل مأساوي وبالرغم من هذا يصمد سكانها ويتمسكون بالارض ويرفضون الاغراءات الاسرائيليه والاساليب الاسرائيليه اللتي تُحاصر هذه القرى إقتصاديا وإنسانيا حتى تُجبر سكانها على الرحيل الى مشاريع التوطين!!
لم تدخر اسرائيل من اساليب وصغوطات على سكان " القرى الغير معترف بها", وتختبئ وراء قوانين البناء والترخيص" في عملية هدم بيوت عرب "القرى الغير المعترف " تحت حجة انها غير مُرخصه والحديث يدورهنا عن عشرات الالاف من بيوت عرب النقب اللتي اصدرت الحكومه الاسرائيليه اوامر هدم بحقها وهدمت بالفعل المئات من هذه البيوت,, ومن المفارقات التاريخيه ان الحكومه الاسرائيليه اصدرت في عام 2004 ما يُسمى بقانون" طرد غُزاة الارض في النقب", والمقصود هنا طردعرب النقب اصحاب الارض الاصليين من خلال هدم البيوت وحرث الزرع وترحيلهُم الى نقاط التوطين القسري!!
هنا بالاضافه الى هدم البيوت تقوم اسرائيل سنويا بحرث مزارع البدو في النقب وتُرش المحصول والاراضي المزروعه بالمواد الكيماويه بهدف ابادة الزرع, وتقوم اسرائيل في كل عام برش الاف الدونمات من ارض عرب النقب المزروعه وابادت الزرع ناهيك عن ان البشر اللذين يقطنون في هذه الاراضي ويسسنشقون المواد السامه!! المفارقه هنا هو ان المسؤول عن رش المبيدات وإبادة زرع بدو النقب هو وزارة الزراعه والبيئه الاسرائيليه!! من الجدير بالذكر ان احد اساليب الضغط والهمجيه اللتي تُمارسها اسرائيل على سكان القرى الغير مُعترف بهافي النقب هو ترك مياه المجاري العادمه والقادمه من المستوطنات اليهوديه المجاوره تَسيل وَتمُر عبر ووسط القرى العربيه, ألأمر اللذي يؤدي الى حالات مرض كثيره بين اطفال هذه القرى العربيه ونقل الحشرات للأمراض المُعديه!!.. لاننسى ان نذكر ان عرب النقب محرومون حت من مياه الشرب ويعانون الكثير في سبيل الحصول على الماء لا بل ان عرب النقب يموتون من البرد القارص في فصل الشتاء لغياب وسائل التدفئه والفقر الذي يُمكن الكثيرين من شراء وسائل التدفئه والاغطيه الدافئه!!
هنا لا بد من التذكير ان الوعي العام في النقب قد بدأ يتطور منذ بداية التسعينات من القرن العشرين إدراكا لمخاطر التوطين القسري وتهجير البدو من قُراهم وارضهُم , وهذا ماجعل مهمة اسرائيل وعُملاءها المحليين اكثر صعوبه, ولكن التَحَول الكبير بدأ مع تأسيس المجلس الاقليمي"للقرى الغير المعترف بها" في عام 1997, وهو المجلس اللذي تأسس كقياده سياسيه شعبيه شابه وميدانيه للدفاع عن "القرى الغير معترف بها" في النقب وكان برنامجه الاساسي يتلخص هدف رئيسي وهو" الدفاع عن القرى وإنتزاع الاعتراف بال 45 قريه بدويه في النقب لا تعترف بها اسرائيل وضمان الخدمات الاساسيه لهذه القرى على موقعها وارضها التاريخيه", حيث للمره الاولى اصبح عرب النقب اكثر تنظيما, وقد فرض المجلس الاقليمي وُجوده على اسرائيل وحل مكان القيادات التقليديه[ الجاهله والمُساومه مع مخططات اسرائيل] واصبح رقم صعبا لايمكن تجاوزه,.. وهذا ما أزعج اسرائيل وحلفاءها المحليين من بين عرب النقب!! [ للتذكير وللامانه التاريخيه قبل وبجانب نشأت ووجود المجلس الاقليمي كان هنالك افراد و مؤسسات وجمعيات دافعت وما زالت تدافع قدر الامكان عن اراضي عرب النقب نذكر منها جمعية مؤازرة حقوق البدو الذي اسسها نوري العقبي في السبعينات من القرن العشرين, وغيرها من مؤسسات حديثة الـتأسيس مثل مؤسسة السراج!!]!!
لقد ساهم المجلس الاقليمي من خلال فعالياته السياسيه وتوجهه الدائم للمحاكم الاسرائيليه والمحافل الدوليه بإيقاف نزيف التوطين القسري والحيلوله دون ترحيل الكثيرون الى مشاريع التوطين القسري من جهه ودعم صمود عرب النقب في ما تبقى لهُم من قرى واراضي في النقب من جهه ثانيه وبالتالي هذا ما عَطل مشاريع التوطين ومخططات اسرائيل اللذي رات في المجلس كشوكه في حلق مشاريعها الاحلاليه والتوطينيه,,ولهذا سعت الى تخريب هذا الانجاز[ المجلس] من خلال محاولة خلق البدائل القبليه لهذا المجلس او محاولة إختراقه من الداخل وإجهاظ قوة عمله الجماهيري من خلال خلق بدائل قبليه عميله لاسرائيل !! , ولكن اسرائيل لم تنجح بالكامل في هذا الاتجاه, وما زال المجلس يعمل بطريقه لابأس بها!!!
في هذا السياق لم تتوقف اسرائيل عن الاساليب الصهيونيه والاساليب الالتفافيه والخداع في شراء والاستيلاء على ارض عرب النقب, وبجانب " وساطة سيسكند المزعومه بين الدوله وعرب النقب , قام مكتب شارون في نهاية عام 2004 بتجنيد بعض المحاميين العرب واليهود وبُمساندة وتورط بعض القيادات التقليديه في النقب في اطر أنشاء شركات سمسره مُهمتها شراء ماتبقى من اراضي عرب النقب من خلال خداع وإغراء اصحاب الاراضي ببيع ارضهم والانتقال للعيش في مدن التوطين القسري المذكوره اعلاه والمُخصصه لتجميع عرب النقب,....تماما كم سعت الصهيونيه في بداية القرن العشرين لشراء اراضي بعض العرب في فلسطين , وتماما كما حدث ايضا في القدس"باب الخليل" م قبل عدة اعوام وذلك المطران[الروم الارثذوكس] اللتي باع املاك الكنيسه للإسرائيليين وشركات السمسره الصهيونيه!! هنا لابد من الاشاره الى مايسمى"خطة تطوير النقب والجليل" [طُرحت عام2005 كخطه احلاليه استراتيحيه لتهويد النقب]الذي تبنتها حكومات اسرائيل المتعاقبه وتدعمها الاداره الامريكيه وتهدف بالاساس الى سلب ماتبقى من ارض عربيه في النقب والجليل ناهيك عن ان جلب مليون مستوطن يهودي الى النقب يعني التهويد الكامل للنقب!! و من اللافت للنظر هو تشكيل اسرائيل في عام 2008 لما يسمى ب" لجنة "غولدبرغ" الصهيونيه واللصوصيه التي تضم في عضويتها صهاينه وبعض البدو المحسوبين على الدوله الاسرائيليه الاحلاليه, وتهدف لجنة "غولدبرغ" التي عينتها اسرائيل من جانب واحد دون استشارة عرب النقب او اصحاب الاراضي العرب او حتى دون التشاور مع المجلس الاقليمي للقرى الغير معترف بها في النقب, تهدف الى الاستيلاء قسرا على ما تبقى من اراضي لعرب النقب بزعم التوصل معهُم الى تسويه بالرغم من ان عرب النقب يرفضون مسبقا قرارات هذه اللجنه اللصوصيه جملة وتفصيلا وفي العام 2011 ا قرت الكنيست الاسرائيلي ما يسمى بخطة برافر التي تقضي بمصادرة اكثرية ما تبقى من اراضي عربيه في النقب وتشريد وترحيل اكثر من 30000 مواطن من سكان القرى العربيه الغير معترف بها وقد تظاهر البدو ضد خطة برافر في مظاهره شهيره هي مظاهرة 6 اكتوبر 2011 ومن ثم اختلف الوضع حول خطة البديل لبرافر والذي جرى حولها في نهاية عام2011 تبادل اتهامات بين المجلس الاقليمي والدكتور عامر الهزيل احد مؤسسي المجلس الذي اتهم المجلس واورون يفتحائيل بالتفريط بحجقوق عرب النقب وتبني مخطط برافر بوجه عربي!!
من الجدير بالذكر ان السلطات الاسرائيليه قد صعدت من وتيرة هدم بيوت عرب النقب في العامين 2009 و 2010 و2011,وقامت بهدم قرية العراقيب اكثر من مره بهدف تشريد اهلها والاستيلاء على اراضيهم, الا ان الاهالي في العراقيب يصروا على الصمود والبقاء واعادة بناء بيوتهم بعد كل جولة هدم تقوم بها سلطات الهدم والخراب الاسرائيليه!!
خُلاصة هذا الجزء من هذه المقاله هي ان اسرائيل سعت وتسعى الى توطين بدو النقب قسريا والاستيلاء على اراضيهم من جهه وتدمير الاقتصاد البدوي التقليدي كما ذكر اعلاه من جهه ثانيه وبالتالي حصر بدو النقب في جيتوات عصريه تنقصها كل المقومات الاقتصاديه والبنيه التحتيه كما هو حاصل اليوم في مدن التوطين القسري الذي اصبحت وكرا للبطاله والفقر ومُجرد سوق إستهلاكي للبضاعه الاسرائيليه ومصدر عَمالَه[عُمال] للقرى والمدن اليهوديه المجاوره....تماما هذا ماخطط لهُ الاسرائيليين الذين لم يخفُون نواياهم وتصورهُم لدور عرب النقب في الحاضر المستقبل, ومن المفيد في هذا السياق إقتباس قول مهندس ومخطط لواء الجنوب[مئيرباتس] لعام 1966 من "كتاب ارض النقب", حيث يُحدد باتس هدف توطين البدو في النقب ودورهم حين يكتب "بأنه بموجبه[التوطين] سيصبح البدو في الجنوب,اللذين سيقطنون المُجمعات السكنيه السبعه, القوه العامله في الخدمات العامه في المدن خارج مكان سكناهم"
2. لم تختلف السياسه الاسرائيليه عن نهج الاستعمار الكلاسيكي والاستيطاني في تعاملها مع عرب النقب,فمن المعروف ان الاستعمار راهن دوماعلى الجهل والقبليه واالعشائريه في الدول المُستعمره لفرض سيطرته من خلال دعم قيادات قبليه وتقليديه وسياسيه مُتنفذه في المجتمعات المُستهدفه ضمن تبادل المصالح بين سلطة الاستعمار والفئات والقيادات المحليه التقليديه والقبليه, وهذا ماينقلنا الى النقطه الثانيه في هذا المقال وهي سندان القبليه في النقب اللتي حافظت اسرائيل على وجودها وغظتها في النقب بهدف فرض سيطرتُها الداخليه على المجتمع العربي في النقب من جهه وبهدف تمرير المشاريع الاسرائيليه والحيلوله دون نَشاة قيادات واعيه في النقب كبديل لشيوخ القبائل والقيادات التقليديه اللتي عادة ما تكون اكثريتها رجعيه ومُهادنه من جهه ثانيه!!
سندان التركيبه القبليه في النقب: من الملاحظ انه ورغم التغيرات الكثيره اللتي طرات على حياة بدو النقب, إلا ان التركيبه القبليه للمجتمع العربي النقباوي بقيت على حالها ,وإن اخذت اشكال مُقنَعَه ومُهجنه لشيوخ قبائل يبدون عصريون في المظهر والسكن وقبليون في الفحوى والمسلكيه, ونحن في هذا السياق لا بد لنا من التأكيد على ان إستراتيجية اسرائيل السياسيه نحو عرب النقب إعتمدت على التوجيه السياسي للعقليه القبليه مع الحفاظ على جوهر هذه العقليه والتركيبه القبليه من جهه والتهجين والتغريب الحضاري والثقاقي والوطني الهادف الى إقتلاع بدو النقب من جذورهم الحضاريه ومحيطهم القومي والوطني من جهه ثانيه!
اولا: هنا من الضروره اولا ان نلقي نظره على التركيبه القبليه لعرب النقب قبل الخوض في التوجيه السياسي والتغريب الحضاري اللتي تُمارسه اسرائيل نحو عرب النقب.
يوجد في النقب قبائل وفصائل قبليه لها عاداتها ومقوماتها القبليه , حيث ان التركيبه القبليه تأخذ منحى عنصري و طبقي ومقام في مفهوم القبيله, جرى الحفاظ عليه منذ قرون, وبالتالي تتقسم القبائل الى مقامات ودرجات لا تتناسب وتتزاوج إلا فيما بينها ويُحذر للمثال على النساء من بعض لقبائل الزواج من قبائل "اقل" شأنا يُطلق عليه قبائل" الحُمران" اللتي تُعد من وجهة نظر القبائل ألأخرى ه اقل شأنا ومقاما ولا يجُوز مُصاهرتها , وفي كثير من الأحيان تُعد مُجرد خُطبه او طلب يد فتاه من القبائل " الفوقيه" من قبل القبائل اللتي تُعَد "دونيه " الموقع في التركيبه القبليه، تُعَد إهانه,!! وفي هذا المجال يوجد تَزمُت وتعبئه قبليه متواصله بين الاجيال على اساس "فوقية" هذه القبيله او الفصيل و"دونية" تلك القبيله او العشيره, وبالتالي بقيت التركبيه القبليه في النقب على حالها ولم يتغير شئ سواء على مستوى الفكر او العادات ونظرة الفوقيه والدونيه اللتي تصبُغ التركيبه القبليه في النقب ناهيك عن ما يُسمى باللغه البدويه " الفلاحين" وهُم ذوي الاصول الذين قدموا قديما من الجوار العربي الى النقب ولا يوجد لهم اصول و جذور بدويه, حيث مازال بدو وقبائل النقب ينظرون الى هؤلاء "الفلاحين" نظره دونيه ويُحذَر على النساء من القبائل البدويه الزواج من "الفلاحين" بينما يحق للرجال فقط من ما يُسمى بالقبائل " الفوقيه والاسياد" الزواج من فصائل" الفلاحين" و" الحُمران"!!!
بالرغم من التغيير الجاري على حياة بدو النقب وخاصة في مدن التوطين القسري, إلا ان دور وسلطة شيوخ القبائل والعشائر مازال مُهما بالنسبه للمجتمع البدوي في النقب وخاصة في القضايا والمشاكل الاجتماعيه وقضايا القَضاء العشائري اللتي يفصل في النزاعات القبليه وغيرها من الاحداث, والمجتمع البدوي في النقب شأنه شان مجتمعات عربيه وقبليه أخرى يحتكم الى قِيَم وانظمه إجتماعيه مثل الثأر وقضايا الشرف وعادات اخرى لا تعترف بالقضاء المدني!!
من هنا وارتكازا على التركيبه القبليه والنفسيه لبدو النقب , دأبت الدوله والاحزاب الاسرائيليه على المحافظه على التركيبه القبليه وتَغذيتها ضمن نظرية السيطره " وفرق تَسد" للحيلوله دون تبلور فكر ووعي جديد يُهدد بالمعنى السياسي والفكري سيطرة اسرائيل على ضبط إيقاع تطور المجتمع البدوي من الناحيه السياسيه والفكريه بما يتناسب مع مخططات الدوله الاسرائيليه,,بمعنى أن اسرائيل دأبت على خلق شيخ بدوي عصري ومُهجن ومُفصل على مقاس السياسه الاسرائيليه وخاصة في مدن التوطين اللتي تبدُو كمدينه وحياة مدينه!, ولكنها في الجوهر تُدار من قبل القبائل التي إنتقلت للعيش في هذه المدن وتلقى الدعم والتوجيه السياسي من قبل الاحزاب الاسرائيليه اللتي تسعى من خلال الشيخ المُهَجن للسيطره على البلديات والمجالس المحليه وتجد العنوان الصحيح في حَشد القبائل ودعمها " كأحزاب " سياسيه بينما هي في الحقيقه تجمُع قبلي يتبادل المصالح مع الدوله الاسرائيليه, ويعيث في المجالس والبلديات فسادا قبليا وإداريا وماليا يعكس ذاته على حياة سكان مدن التوطين التي تُعاني من الفقر والبطاله والتخلف القبلي, والمخدرات, والجريمه, والغُربه الحضاريه والاجتماعيه!!!!!هنالك من الجيل البدوي الجديد اللذي نَشأ في مدن التوطين من لايعرف شيئا عن الحضاره والحياه البدويه!!! هنا فقط للتذكير: ان الحشد والعنف القبلي في النقب يصل الى ذروته في فترة الانتخابات البلديه والبرلمانيه في اسرائيل!!!... اسرائيل تكتب على الواجهه "إنتخابات ديموقراطيه" والنتيجه الحقيقيه"إ نتخابات ونتائج قبليه" مدعومه من الاحزاب الصهيونيه من جهه وبقاء العداء والتقسيم القبلي التي تُغظيه اسرائيل بشكل مُستمر[ إستمرارية دائرة الفكر القبلي] بعد وقبل الانتخابات في كل قريه ومدينه بدويه في النقب!!
ثانيا: ما يتعلق بإستراتيجية التهجين والتغريب الحضاري والوطني التي تنتهجها اسرائيل نحو عرب النقب, لا بُد من القول بداية أن إسرائيل قد حاولت عبر الدعايه الاعلاميه والصهيونيه تَصوِير الامرب" ان بدو النقب مواليين للدوله الاسرائيليه ويخدمون في الجيش الاسرائيلي" لابل ذهبت اسرائيل الى ابعد من هذا بتسميتهُم "بدو اسرائيل" وكأن بدو النقب لا علاقه لهم بالتاريخ والشعب الفلسطيني ولا علاقه لهم حتى بالجذور العربيه!! والحقيقه هنا ان كثير من العرب صَدقُوا الدعايه الصهيونيه بما يتعلق" بِإنخراط" بدو النقب في الجيش الاسرائيلي, ولكن حقيقة الحقيقه ان نسبة الضالين والمُنخرطين في جيش اسرائيل من بين عرب النقب لا تصل الى واحد في المئه [ اقل من واحد في المئه] وهي نسبه قليله جدا من الضالين إذا اخذنا بالحسبان ان العدد الاجمالي لعرب النقب يتجاوز اليوم ال180000 نسمه.
هُنا لابُد من القول ان الوعي العام العربي في النقب قد بدأ يتطور منذ نهاية الثمانينات وبداية ثورة الاعلام مُتاثرا بما يجري على الساحه الفلسطينيه بشكل خاص والساحه العربيه بشكل عام, لا بل ان الممارسات الاسرائيليه ضد عرب النقب قد زادت من الوعي العام وذلك بالرغم محاولة اسرائيل المُستمره في التغريب والتهجين والتشويه الوطني والقومي الهادف الى خلق جيل بدوي في النقب مُأسرَل ومفصل على مقاس الاهداف الاسرائيليه!!
دائما وابدا حاولت اسرائيل تمرير سياسة التهجين والترويض من خلال القوى القبليه في النقب التي تستعملها اسرائيل كأداة إجهاظ سياسي وفكري تقف في وجه الحركات اللتي تطالب بحقوق عرب النقب, ولكن مع كل هذا سقطت اسرائيل في فَخ ممارساتها العنصريه والقمعيه ضد عرب النقب, وحتى إن نجحت هنا اوهناك في تهجين وترويض البعض من البدو في النقب, إلا ان الاكثريه الساحقه من عرب النقب تسير في الاتجاه المعاكس للصهينه والتصهيُن والتهجين اللتي تسعى اسرائيل من خلال الدعايه وبرامج التعليم الى تطبيقه على عرب النقب!!!
واخيرا وليس اخرا لا بُد من القول ان اسرائيل حاولت ايضا من خلال ترويج مصطلح "تطوير وتحضير" حياة بدو النقب, حاولت خَلق واقع وقيم جديده مبني على اساس التغريب والتهجين, بمعنى ان اسرائيل ما زالت تُروج أكذوبة بِان كل ماتقوم به من توطين قسري ذي قيمه حضاريه وماديه وفي المقابل تُحاول ترسيخ مفهوم ان كل ما يتعلق بالتاريخ والجذور البدويه والعربيه في النقب يعني "التخلُف",, والهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجيه الاسرائيليه هو ضرب ومحو الهويه الحضاريه والقوميه لعرب النقب من خلال إحلال هويه اسرائيليه مُزيفه تُمجد "الحضاره" الاسرائيليه" وتحُط من قدر الحضاره والتاريخ العربي في النقب!!!
واخيرا وليس اخرا تبدو بوضوح اليوم معاناة عرب النقب معاناة مركبه ومبرمجه سببها الرئيسي سياسة الاحلال والتهويد والتهميش اللتي تمارسها اسرائيل نحو عرب النقب, ولكن في المقابل تواجه اسرائيل صمود عربي نقباوي في النقب يحاول فيه عرب النقب التصدي للمشاريع الاسرائيليه وخاصة سكان القرى العربيه اللتي لا تعترف بوجودها اسرائيل رغم وجود هذه القرى قبل وجود اسرائيل وبالتالي لابد من القول ان عرب النقب باكثريتهم باقون ومتشبثون بالارض والديار رغم الظلم والهدم والتجويع والافقار والملاحقه اللتى تمارسه الدوله الاسرائيليه الاحلاليه بحق عرب النقب!!

د. شكري الهزَّيل... رئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه
1