أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
نعم للإ ستفتاء الفلسطيني, ولكن ليست على وثيقة الاسرى فقط!!!

بقلم : د.شكري الهزَّيْل ... 8.6.06

على مدى اكثر من نصف قرن طُرحت مُبادرات وبرامج لاتُحصى ولا تُعد لحل القضيه الفلسطينيه , منذ قرار التقسيم عام 1947 ومرورا بقرار 242 وحتى اوسلو واخواتها من مبادرات عربيه مثل الارض مقابل السلام وما يسمى بالمبادره العربيه[ مؤتمر بيروت], ولكن وبغظ النظر عن اهداف طرح وثيقة الاسرى الفلسطينيين للإستفتاء الشعبي الفلسطيني, إلا انه هذه ا لمره الاولى اللتي يُطرح فيها موضوع الاستفتاء على قضيه مصيريه تهُم الشعب الفلسطيني!!... لابأس الاستفتاء كفكره ومبدأ شئ رائع ويُمثل اعلى درجات الدينوقراطيه!... الاحتكام للشعب في قضايا مصيريه!!
من هنا لابد من طرح سؤال جوهري حول عملية الاستفتاء الشعبي الفلسطيني على المصير والمستقبل الفلسطيني ككل وليست على الاستفتاء كمُنطلق للإلتفاف على الحكومه الفلسطينيه الحاليه!! وحتى نكون واضحين من البدايه: يبدو لي انه في هذه المرحله التاريخيه ان لا الحكومه الفلسطينيه ولاالرئاسه الفلسطينيه قادره على إخراج القضيه الفلسطينيه من قُمقم الحصار الاقليمي والعالمي والتوتر الداخلي! وبالتالي يبدو الاستفتاء الشعبي في هذه المرحله على مصير الشعب الفلسطيني مطلبا قديما جديد وشرعيا, ولكن السؤال: هل يكفي الاستفتاء فقط على وثيقة الاسرى؟؟ وهل سيُشارك في الاستفتاء جميع قطاعات الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا؟؟
بادئ ذي بدأ ومع تقديرنا العالي للأسرى الفلسطينيين,إلا انه بإعتقادنا[ مجرد وجهه نظر!!] أن إقحامهُم في الصراع الدائر بين فتح وحماس لم يكُن موفق إلا في حالة ان يصبحوا جُزءا مُساهم في الحل وليست جُزءا من المشكله مُستغََّل في قضية إستفتاء تبدو وكأنها التفاف على حكومة حماس!! والحقيقه ان مواقف وثيقة الاسرى تتعدى بكثير مواقف من يُؤيدون الاستفتاء على هذه الوثيقه!, بمعنى بسيط هنالك بنود و مواقف تحتويها وثيقة الاسرى لا تتناسب بالاصل مع مواقف بعض المُؤيدين للإستفتاء لابل ان من بين هؤلاء المُناصرين للآستفتاء من تنازلوا بالاصل عن مبادئ ومواقف سياسيه مذكوره في وثيقة الاسرى,, فل يلتزم هؤلاء اولا بكامل بنود وثيقة الاسرى!!,,والغائب الحاضر في هذا المجال هو الموقف الاسرائيلي الرافض اصلا لوثيقة الاسرى حتى ولو دعمتها نتائج الاستفتاء الجزءي في الضفه والقطاع !!.. لاحظوا هنا المفارقه وعمق الازمه الفلسطينيه الداخليه: الفلسطينيون يتجادلون ويتقاتلون على الاستفتاء, بينما نتائج الاستفتاء غير مُلزمه لاسرائيل من جهه وغير مُلزمه بالاصل لجزء لا يُستهان به من من يطرحون الاستفتاء كحل ويؤيدُونه!!.... اسرائيل وامريكا والنظام العربي لم يلتزموا ولم يحترموا اصلا بنتائج الانتخابات التشريعيه الفلسطينيه المُنبثقه والمُرتكزه اصلا على اسس وقوانين إتفاقية اوسلو!!! فكيف لهُم ان يلتزموا بوثيقة الاسرى[ نتائج الاستفتاء] اللتي تتعدى نوعا ما في جوهرها ومطالبها مُعطيات اوسلو!!!
المطلوب اليوم ليس الترقيع السياسي ولا حتى اهمية ان تحكُم حماس او فتح,, المطلوب حِس وطني عالي يُجنب الشعب الفلسطيني حالة تكريث الكارثه وزيادة الطين بله في غزه والضفه اللتي يُشكل سكانهما جزء من الشعب الفلسطيني ككل وليست العكس, بمعنى ان ديموغرافيا غزه والضفه الفلسطينيه جزء من الكُل الفلسطيني وليست الكل الفلسطيني لابل ان القضيه هنا سياسيه واخلاقيه وتاريخيه ايضا وتمس العصب الرئيسي لمفهوم الديموقراطيه, بمعنى ان إستفتاء جزء من الشعب الفلسطيني على مصير الكل الفلسطيني سيُعقد الامور ولن يحل الاشكاليه القائمه لا مرحليا ولا إستراتيجيا!!.. الاستفتاء الحقيقي هو مشاركة كامل الشعب الفلسطيني وخاصة مخيمات المهجر الفلسطيني:. فل تكون البدايه إستفتاء على وثيقة الاسرى الفلسطينيين!!! ولكن إستفتاء حقيقي يُقر فيه الكل للجزء وليس الجزء للكل!!
من الواضح ان الطرح الراهن للإستفتاء على وثيقة الاسرى هو طرح لاستفتاء إنتقائي وسياسي تبدو معالمه واهدافه شديدة الوضوح وعلى رأسها تحجيم دور حكومة حماس[ ازمة حماس ليس عباس فقط لابل برنامجها السياسي اللذي يُحاول القفز عن حقيقة تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني بدلا من ترميم برنامج المنظمه!!], ولكن إذا كان الاستفتاء هو الحل الامثل فلماذا لم يُسأل الشعب الفلسطيني في استفتاء مثلا حول: اولا قرار القبول ب242 والدوله الفلسطينيه في حدود 1967؟؟, وثانيا حول إتفاقية اوسلو وكامب ديفيد وواي ريفر؟؟ والاهم من هذا وذاك وما زالت منظمة التحرير الفلسطينيه الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني فلماذا تم التنازل من الميثاق الوطني الفلسطيني بدون إستفتاء وإستشارة الشعب الفلسطيني؟؟... على الاقل إستشارة الجزء الديموغرافي اللذي يعيش في الضفه والقطاع!! ناهيك بالاصل عن سؤال إستفتاء كامل الشعب الفلسطيني!!! ثُم من هو هذا اللذي خول امير ملك السعوديه حاليا بطرح مبادرة بيروت على القمه العربيه2003 قبل ان يُسال الشعب الفلسطيني في إستفتاء وقبل ان توافق السلطه الفلسطينيه ومناصري "الاستفتاء" الحاليين على هذه المبادره!!!؟؟؟ ثُم سؤال اخر يُثير العجب: هل سال ياسر عبدربه الشعب الفلسطيني رايه في وثيقة جنيف 2004 قبل ان يُوقعها مع يوسي بيلين؟؟؟ غريب ان لايترُك عبدربه اليوم منبر إلا ونادى بالاستفتاء!!!.... الاسئله كُثُر والقائمه ستطول , ولكن المهم في جوهر فكرة الاستفتاء الفلسطيني هو طرح اوسلو برمتها وتصور حل القضيه الفلسطينيه على كامل الشعب الفلسطيني للإستفتاء !!... هذه هي الديموقراطيه الحقيقيه وليست الانتقائيه السياسيه اللتي تُقحم اسرى النضال الفلسطيني في قضيه سياسيه انتهازيه ذات مردود ونتائج سلبيه!!
هنالك مشكله فلسطينيه سياسيه مُعقده ومركبه حتى في إجراء الاستفتاء الانتقائي الذي ينقصهُ ولا يتوفر له حتى اساسا قانونيا يُحدد مواضيع الاستفتاء وطريقة إجراءه!! هل سمح احدا للبرلمان الفلسطيني على الاقل مُناقشة قانون الاستفتاء او التصديق عليه؟؟ ناهيك إذا كان بالاصل هنالك قانون او اطروحة قانون للآستفتاء حول وثيقة الاسرى!!
يا سيداتي سادتي: ان مايجري في غزه بالتحديد من صراع هو نتيجة حتميه لافرازات اوسلو ولا علاقه له بالمشروع الوطني الفلسطيني ولا علاقه له حتى بمصير الاسرى انفسهم القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي!, و من ظن ان حماس ليست جزء من اوسلوفي هذه الحاله فقد أخطا الظن, ولن نتحدث عن الشرك المزعوم اللذي " نُصب " لحماس كما يزعم البعض من يُبررون مشاركة حماس في الانتخابات على اساس اوسلو!! حماس ذهبت للانتخابات بكامل إرادتها وسعيها للوصول الى السلطه على اساس اوسلو وليست على اساس جعجعة " برنامج وطني" بديل لاوسلو!!.. إما أن تُشارك في العُرس او لاتُشارك بتاتا!!!!؟
مسلكية حماس وضبابيتها السياسيه لاتُبرر بالتاكيد كل هذا الصراع الجاري على سلطة اوسلو في الضفه وغزه, وذلك بالرغم من ان حماس نفسها ووحدها لا تُمثل وتُعبر عن المشروع الوطني الفلسطيني,وبغظ النظر عن كل التضليل والمهاترات الجاريه على الساحه الفلسطينيه: المطلوب شيئان رئيسيان وهما: ترميم منظمة التحرير الفلسطينيه كممثل للشعب الفلسطيني اولا وثانيا إجراء استفتاء كامل يُسال فيه كامل الشعب الفلسطيني عن رايه وتصوره لمستقبل المشروع الوطني الفلسطيني!!!!.. الاستفتاء المطروح حاليا هو إستفتاء إنتقائي وإنتهازي ومن المؤسف ان تُقحم فيه انبل مظاهر الصمود الفلسطيني, وهم الاسرى!!!