أحدث الأخبار
الثلاثاء 23 نيسان/أبريل 2024
الجرائم بِحق الانسانيه و"القِيَم الامريكيه"!؟

بقلم : د. شكري الهزيل ... 15.4.06

يبدو جَليا أن الحديث في الاعلام الامريكي عن القِيَم والاخلاق ينطلق من جهل الطبقه الحاكمه في واشنطن لمفهوم وتعريف القِيم الاجتماعيه والانسانيه في المُجتمعات البشريه بِشتى حضاراتها ومعالم هويتها الاجتماعيه والثقافيه, ويبدو الحديث عن القِيم الامريكيه في ظِل مايجري في العراق حديث لايمُت للحقيقه وواقع المسلكيه الامريكيه بِصله اللتي تَدُل على الاقل [ لانريد التعميم في هذه الحاله] أن الطبقه والثُله الحاكمه في واشنطن في وادِ والاخلاق والقِيم الانسانيه في واد أخر, وبالتالي مالم تنتبه إليه الثُله الحاكمه في واشنطن والعالم هُو أنها فاقِده للمصداقيه والقِيم الاخلاقيه قبل الكشف عن فضيحة ابوغريب وتدمير العراق بشكل همجي بزمن طويل وتحديدا عندما شنت حربها على العراق على اُسسس واكاذيب باطله قانونيا وصارخه إجراميا ناهيك عن حصار العراق لاكثر من عقد وقَتِل اكثر من مليون ونصف المليون من الشعب العراقي .. وفاقد الشئ والقِيم لايّمكن ان يمنحه ويمنحها للأخرين مهما حاول من جَهدا من تَجميل وجه البشاعه الامريكيه ودونية قِيَم بوش ورامسفيلد في وسائل الاعلام العربيه والامريكيه., وكما يَقول المثل : اللِي بِيَستحوا ماتوا.... واذا كُنت لا تَخجَل ولاتَخاف فقُل وافعل ماتَشاء !!
في نهاية المطاف تتسم القيم الاجتماعيه و تُقاس بطابعها وفحواها الاجتماعيه اللتي تَستمد سلبياتها وايجابيتها من مسلكية المُجتمع نحو ذاته ونحو المُجتمعات الاخرى وتظهر بِجلاء في نشاطات هذا المُجتمع اوذاك, ومن العبث كما تفعَل الثُله الحاكمه في واشنطن الحديث عن القيم والاخلاق في غياب الوُجود الانساني ومركزية كرامة الانسان في المُجتمع والعالم ككل اللتي لا ولم يُعيرها حُكام امريكا الحد الادنى من الانتباه والعكس هو الصحيح وهو ان اعلى قِيمه للانسان من وجهة نظر امريكيه تُساوي قِيمة برميل نفط اورصاصه, وحياة البشر وقيمة الانسان اللتي داستها وتُمزقها الة القتل والدمار الامريكيه مُنذ نَشاة امريكا وحتى يومنا هذا لاوُجود لها في معجم السياسه وإن شِئتُم الفاشيه الامريكيه الجديده اللتي تتتحدث عن " القِيم الامريكيه" وكأن العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص لايرى ويَشعُر مدى انحطاط وهُبوط سقف سياسة وثقافة من يُروجون لِقيم وقوانين الغابه والفوضى والقتل والذبح والتعذيب والظُلم ولاحتلال ويَدّعون اَنَّهُم اصحاب قيم ومبادئ واخلاق ... وبالمناسبه اعلى درجات القيم في المجتمع ترتكز عادة على الصدق والعدل والمُساواه وشتان بين هذه العوامل والعناصراللتي تُحدد مستوى القِيم و بين مسلكية عصابة البيت الابيض اللتي تََنز من معالم وُجوهها العنجهيه والاجرام واللا اخلاق واللا قِيَم!!.. من معالم الشخصيه المُنفصمه ومسلكية النفسيه الاجراميه عملية الدوران واللف والحديث المُفرط عن قِيم الخير والعداله وتَفعل وتَسلُك على عكس هذا!
من الواضح أن هُنالك تناقُض وتبابين بين ايديولوجيه وسياسه امبرياليه أمريكيه تَذَعِي إحتكارها للقيم والاخلاق الانسانيه وبين مسلكية سياسيه مَبنيه بالاساس على نفي وسحق الاخر وتَحطيم قيَم ومقومات المجتمعات الأُخرى كما هُو حاصِل في العراق بشكل خاص والعالم العربي والاسلامي بشكل عام اللذي تَسعى امريكا ليست للسيطره عليه سياسيا واقتصاديا فَحسب لابل تَخريب قِيمه الاجتماعيه والحضاريه والروحيه الى حَد توظيف القوه العسكريه والمسلكيه الهمجيه[ عكس القيم] في محاولة استعباد الشعوب العربيه والاسلاميه وفرض علاقة السيد والمَسيود والعبد والمُستعبد من خلال تُثبيت قِيم [امريكيه] همجيه كاساس في إخضاع العربي وإلحاقه بقيم[الديموقراطيه\الدكتاتوريه الامريكيه] يعرفها القاصي والداني على أنها تُعبر عن مصالح شريحه حاكمه في واشنطن لَعَقت وتلعق دماء الملايين من العراقيين والفلسطينيين والعرب وغيرهُم من الشعوب في العالم... ومازالت تَدَّعي القيم الديموقراطيه والانسانيه ولاحظوا هذه المفارقه في ظهور بوش وعصابته على شاشات التلفزه للحديث والدفاع عن " القِيم الامريكيه" بينما يصبِح موضوع الملايين من الضحايا في العراق والجرائم الامريكيه وتدمير مناطق السنه العرب في العراق موضوع جانِبي إن لم يكُن حَدَث "طبيعي" في بحر من "القيم" الاجراميه والفاشيه! .. والمُهم " القِيم الامريكيه" وتمرير "دستور عراقي " لِمحو هوية العراق الحضاريه والعر بيه!!
مُعادلة "القِيم الامريكيه" تُساوي: تَجريد الضحيه من انسانيتها ومُحاولة إقناعها بقيم الهمجيه الامريكيه+ ذبح وسلخ الشعوب وزرع الدمار والخراب كماهوجاري في العراق وفلسطين+خطاب سياسي واعلامي مَعتوه ومُعوَّق عقليا وفكريا ومُتَسِم بالجهل وقلب الحقائق والمُحصله في حسابات العقول المَعتوهه سَتقود الى ايمان العرب ب" القيم الامريكيه" الملفوفه باكفان الملايين من العراقيين والعرب اللذي ذبحتهُم " القيم" الامريكيه بقنابل الناباليم واليورانيوم ونهش الكلاب البوليسيه في لحم سُجناء ابوغريب من جهه والذبح الجماعي اللذي يتعرض له الشعب العراقي من جهه ثانيه !! لايوجد علاقه جدليه بين القيم الانسانيه وبين الهمجيه الامريكيه والمُحصله بالتأكيد ليست كما يَحسِبها مَعتوهي البيت الابيض لأن الشعوب بشكل عام والشعوب العربيه أذكى بِكثير مما يَظِن الهَمَج الجُدد في امريكا ونحن على استعداد أن نُعلمَهُم بِدايات القِيم الانسانيه بالرغم من معرفتنا أن من تَعَلَم الهمجيه كنهج يَصعُب عليه الخروج من هذه الدائره!!
الاخلاق والانسانيه ليست مُجرد شعارات لابل هي مُصطلحات تاريخيه وعلميه واجتماعيه, والاخلاق تعني في التعريف العلمي أنها شكل من اشكال الوعي الاجتماعي وهي في الحقيقه مؤسسه اجتماعيه تُنَظِم سُلوك البشر في ميادين الحياه المُتعدده, وفي هذا الميدان تندرج التقييمات الاخلاقيه للظواهر الاجتماعيه والسياسيه, والانسانيه بمفهومها الحقيقي ترى في الانسان وفحوى الانسانيه أرقى وارفَّع القِيَم ومُهمة الانسانيه الاولى هي الدفاع عن حُرية الانسان وتسعى الى تَطويره واحترام انسانيته في كافة المجالات الحياتيه واالروحيه, وبالتالي ما يُرَوج لَه في الحقيقه من وعن" القِيم الامريكيه" لَهُ علاقه بظاهرة الاغتِراب عن القيم الانسانيه اللتي تُعاني منها عصابة الجَهَله والمُتخلفين اجتماعيا وسياسيا اللذي تَحكُم امريكا[ وكما ذكرت في البدايه لايمكُن تَعميم هذا الطرح والشرح على المجتمع الامريكي كَكُل] ولهذا ارى من الضروره محاولة تلخيص سيكولوجيا الفكر المَعتوه والمُعوَّق ثقافيا واجتماعيا ونظرة حُكام واشنطن للقيم الانسانيه المغلوطه والمقلوبه من خلال سرد غيض من فيض الجرائم الامريكيه وذلك على النحو التالي:
1. اولا:من وجهة نظر المُغتربِين عن القيم الانسانيه كان لابُد من تَرسيخ القيم الهمجيه من خلال قوة السلاح والدمار الشامل وهُم اول من استعملوا السلاح النووي ضد اليابان في حين كانت الحرب االعالميه الثانيه شبه مُنتهيه واليابان شِبه مُستسلِمه, ومن ثُم في الخمسينات من القرن العشرين جاءت الحرب الكوريه ومازالت كوريا مُقسمه الى جنوب وشمال حتى يومنا هذا بسبب السياسه و"لقيم الامريكيه"!, ومن ثم جاء العدوان الامريكي على فيتنام [ في الستينات من القرن العشرين] اللذي دفعت ومازالت تدفع ثمن "القِيَم" الهمجيه الامريكيه اللتي هُزِمت في فيتنام ولكنها خَلَّفت وراءها دمار اجتماعي وانساني هائل ناهيك عن عشرات الالاف من الكيلومترات من الارض الفيتناميه اللتي مازالت مُلوثه بِاشعاعات وسُموم الاسلحه الكيماويه واسلحة الدمار الشامل اللتي استعملتها امريكا ضد الشعب, و يُولَد في اليابان وفيتنام سنويا المِئات من الاطفال المُشوهين والمُعوقين بسبب التلوث الاشعاعي والكيماوي اللذي خَلَّفته امريكا وراءها ... امريكا لم تَدخُل منطقه إلا وخَلَّفت وراءها الدمار والمأسي الانسانيه ليس في فيتنام فقط لابل في جنوب امريكا اللتي تَغرق اليوم في بحر من الفقر والبؤس بسبب السياسه و" القيم" الامريكيه المقلوبه وفرض"قِيم" السيد والمَسيود !!
2. ثانيا:في مطلع التسعينات من القرن العشرين كان على بَنَما أن تدفع ثمن تَمرُد عميل امريكا نورييقا على اسياده [بوش الاب] وحتى تَضمن امريكا استمرارية إحتلالها لِقناة بَنَما كان لا بُد من تأديب نورييقا المُطالِب بِزيادة أجره الشخصي من خلال التلويح بِتأميم قناة بنما, وبالتالي ماجرى كان غزو امريكي خاطِف وسريع هدفه أسِر نورييقا أسفر عن مقتل اكثر من ثلاثه الاف من الشعب البنمي في أقل من يومين.. والتبرير الامريكي كالعاده أنَهُم كانوا مُتمردين رغم ان الاكثريه الساحقه من الضحايا كانت من المدنيين...بالطبع هذه طِباع وقِيم امريكا الديموقراطيه اللتي مازالت قائمه حتى يومنا هذا!!
3. ثالثا:مايتعلق بالعالم العربي كان ومازال الدعم الامريكي لاسرائيل سبب مُباشر في المأساه الفلسطينيه وماجرى للشعب الفلسطيني مُنذ بداية القرن الماضي, ولاحظوا هُنا مَدى " الاخلاق والقِيم " الامريكيه في مَسلكية امريكا مُنذ عام 1948 وحتى يومنا هذا,حيث أن قضية الشعب الفلسطيني تُستعمَل في الشأن الانتخابي الامريكي الداخلي والمُرشحين للرئاسه الامريكيه لابُد لَهُم من منطلق "القيم" الامريكيه أن يُجَزِروا الحقوق الفلسطينيه ويدعموا سياسة الاحتلال الاسرائيلي بدون حدود من اجل ضمان دعم اللوبي الصهيوني في امريكا لِهذا المُرشح او ذاك للرئاسه الامريكيه.....!!
4. رابعا:يبدو جَلِيا أن " القيم" الامريكيه ترى في العرب والعربي قيمة برميل نفط ولرُبما أقَل بكثير, ولهذا كان على العراق والعرب أن يدفعوا ثمن إنحطاط القِيم الاخلاقيه والسياسيه لِحُكام البيت الابيض مُنذ مطلع التسعينات ومرورا بِتدمير العراق واحتلااله تحت ذرائع امريكيه كاذبه لا تُعبر الا عن انحطاط قِيم واخلاق عصابة وعصابات البيت الابيض اللتي تُبشر العرب بالديموقراطيه والحُريه من خلال تَدمير بلد عربي عريق لَهُ تاريخ حضاري يمتد الى اكثر من سبعة الاف عام, ولَكُم أن تـتصوروا تاريخ الاف السنين من الحضاره الانسانيه مُقارنة بِتاريخ بضع المِئات من السنين من تاريخ امريكا الدامِي اللذي كما يبدو أنها مازالَت تَرى في العراقي والعربي صورة هِندي أحمر يجب إخضاعه او قتله او إستعباده كما إستوردت واستعبدت امريكا ملايين من العبيد الافارقه اللذين مازال يُعانون في امريكا من عُنصرية " القِيم " الامريكيه.
هُنا فقط للتذكير بأن " القيم" الامريكيه وعملية تَقييم امريكا للعربي تنطلق من نفسيه مريضه تَرى بِوجوب أن يَكون العربي على الصوره المُذِله والمُشينه اللتي صَبَغ فيها الحاكم العربي وعُلماء ومُثقفي البلاط العربي صورة العربي في امريكا والعالم,... وكما حدثني صديق بِنُكته تَهَكُميه من ان حاكم عربي أتصل بِمُفتي الجمهوريه وساله إذا كان رأى صور التعذيب في ابوغريب او ما يجري في العراق؟..فأجابه المُفتي : حَلال..حَلالْ.. حلال!! وماجرىويجري في العالم العربي هُو ترسيخ وَتَحليل شِبه هَمَجي لِسياسه امريكيه تَفتَقر الى الحَد الادنى من القِيَم والمصداقيه.
عود على بدء وتحديدا لِماجرى ويجري في العراق من تَدمير معالم الدوله العراقيه ومرورا بالعبث بالقِيَم والحضاره العربيه العراقيه وحتى فضيحة" الدستور العراقي" اللذي تُحاول عصابة الابيض تمريره من خلال الحديد والنار والدمار , والحقيقه أن ماجرى في ابوغريب وما يجري اليوم في العراق من تدمير مُبرمج بِشكل عام هو نتيجه مُباشره ومسلكيه مُبرمجه ومنهجيه إجراميه لَها عُمقها في نَفسية وايديولوجية بوش ورامسفيلد اللذان لا يَملُكان إلا الكذب الاعلامي الذي لم يَعُد ينطلي على العرب ولا حتى على العالم اللذي يَتاى بِذاته عن اكذوبة " القيم الامريكيه" المفضوحه في العراق وهي مسلكيه همجيه لا علاقه لها بالقيم الا نسانيه ومن المؤكد أن العرب يملكون تاريخا وقِيما تَعلو بَكثير على " قِيم" وديموقراطية وحرية القتل والتنكيل والاجرام اللتي يُمارسها جيش عصابات البيت الابيض في العراق من جهه ووكلاء ايران من جهه اخرى!!